وقال صلىاللهعليهوآله أيضا : « ليس منّا من دعا إلى عصبية ، وليس منّا من قاتل [ على ] عصبيّة ، وليس منّا من مات على عصبيّة » (١).
وفي هذا المجال ، يُقدم أمير المؤمنين عليهالسلام رؤيته العلاجية لمرض العصبية البغيض ، ففي خطبته المعروفة بالقاصعة يقول عليهالسلام : « ولقد نظرتُ فما وجدت أحدا من العالمين يتعصّب لشيء من الأشياء إلاّ عن علّة تحتمل تمويه الجهلاء ، أو حجّة تليط بعقول السفهاء غيركم ، فإنّكم تتعصّبون لأمر ما يُعرف له سبب ولا علة ، أما إبليس فتعصّب على آدم لأصله ، وطعن عليه في خلقته ، فقال : أنا ناريٌّ وأنت طينيٌّ ، وأما الأغنياء من مترفة الاُمم فتعصّبوا لآثار مواقع النّعم ، فقالوا : ( نحنُ أكثر أموالاً وأولادا وما نحن بمعذّبين ) فإن كان لا بدَّ من العصبيّة فليكُن تعصّبكُم لمكارم الخصال ، ومحامد الأفعال ومحاسن الاُمور ... فتعصّبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار ، والوفاء بالذِّمام ، والطَّاعة للبرِّ ، والمعصية للكبر ، والأخذ بالفضلِ ، والكفِّ عن البغي ، والإعظام للقتل ، والإنصاف للخلقِ ، والكظم للغيظ ، واجتناب الفسادِ في الأرض » (٢).
ضمن هذا السياق قام حفيده علي بن الحسين عليهالسلام بإيضاح مفهوم العصبيّة ، وما هو المذموم منها ، عندما سُئل عنها ، فقال عليهالسلام : « العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرّجل شرار قومه خيرا من خيار قوم آخرين ، وليس من العصبيّة أن يحبّ الرجل قومه ، ولكن من العصبيّة أن يعين قومه على الظّلم » (٣).
__________________
(١) سُنن أبي داود ٢ : ٣٣٢ / ٤ باب في العصبية.
(٢) شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ١٣ : ١٦٦ ـ دار احياء التراث العربي ط٢.
(٣) اُصول الكافي ٢ : ٣٠٨ / ٧ باب العصبية كتاب الايمان والكفر.