المسلمين فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه قيل : يا رسول اللّه ما جماعة المسلمين؟ قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : جماعة أهل الحق وإن قلّوا » (١).
وعودة إلى أصل المطلب ، فقد تبيّن لنا بأنّ العقيدة تدعو الإنسان المسلم إلى الانضمام إلى الجماعة ، وهنا ثمة تساؤل يفرض نفسه ، وهو وجود أحاديث كثيرة في مصادرنا ، تدعو الإنسان المسلم إلى إيثار العزلة ، وبالتالي الابتعاد عن الناس ، يُجيب مؤلف جامع السعادات ، الشيخ النراقي عن ذلك بقوله : (نظر الأولون إلى إطلاق ما ورد في مدح العزلة ، وإلى فوائدها وما ورد في مدحها ، كقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ اللّه يحب العبد التقي الخفي » ، وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل اللّه ، ثم رجل معتزل في شعب من الشعاب ».
وقول الإمام الصادق عليهالسلام : « فسد الزمان ، وتغيّر الاخوان ، وصار الانفراد أسكن للفؤاد » ، وقوله عليهالسلام : « أقلل معارفك ، وأنكر من تعرف منهم ».
إلى أن قال : فالصحيح أن يقال : إنَّ الأفضلية منهما ـ أي المخالطة والعزلة ـ تختلف بالنظر إلى الأشخاص والأحوال والأزمان والأمكنة ، فينبغي أن ينظر إلى كلِّ شخص وحاله .. أنَّ الأفضل لبعض الخلق العزلة التامة ، ولبعضهم المخالطة ، ولبعضهم الاعتدال في العزلة والمخالطة) (٢).
ويمكننا التوفيق بين الطائفتين بالقول : إنّ الاتجاه الداعي إلى العزلة ، يمكن حمله على عدّة وجوه ، منها : أنّ التوجه للعبادة يتطلب ـ عادةً ـ
__________________
(١) روضة الواعضين ، للفتّال النيسابوري : ٣٣٤ ـ منشورات الرضي ـ قم.
(٢) جامع السعادات ، للنراقي ٣ : ١٩٥ ـ ١٩٧ ـ مطبعة النجف الاشرف ١٣٨٣ ه ط٣.