والنَّهارُ
والشَّمسُ والقَمرُ لا تسجُدوا للشمسِ ولا للقمرِ ... ) .
لقد مرَّ الإنسان بمرحلة الحيرة
والتساؤل والقلق من مظاهر الطبيعة من حوله ، فهو لا يعرف شيئا من أسرارها وأسباب
تقلّب أحوالها ، فأخذ يقدّسها ويقدّم لها القرابين بسخاء ، متصورا أنّه سوف يأمن
بذلك من ثورات براكينها الملتهبة وزلازلها المدمّرة وسيولها الجارفة وصواعقها
المحرقة ، فعملت العقيدة على تنقية العقول من غواشيها ، وفتحت الطريق أمامها واسعا
لاستثمار الطبيعة والتسالم معها ، عندما رفعت ما كان من حجب كثيفة بين الإنسان
والطبيعة ، وانكشف له بأنّ الطبيعة ومظاهرها وما فيها من مخلوقات وحوادث كلها
صادرة عن اللّه تعالى ، وهي مخلوقات مسخّرة لخدمته ، وما عليه إلاّ أن ينتفع بها
ويتفكر فيها وبأصلها حتى يصل عن طريقها إلى الخالق : ( أفلا يَنظُرونَ إلى
الإبلِ كيفَ خُلقت * وإلى السَّماء كيفَ رُفِعت * وإلى الجِبالِ كيف نُصِبت * وإلى
الأرضِ كَيفَ سُطِحت ) .
ولا بدَّ من الاشارة إلى أنّ منهج
العقيدة في بناء الإنسان « منهج
شمولي » يُنظّم علاقة الإنسان بنفسه وبربّه
وبالطبيعة من حوله ، وكل توثيق أو تطور في العلاقة بين الإنسان وربّه فسوف ينعكس
إيجابيا على علاقته مع الطبيعة المسخّرة بيد اللّه تعالى ، فتجود على الإنسان
المؤمن بالخير والعطاء ، لذلك طلب النبي « هود » عليهالسلام من قومه ـ الذين ابتعدوا عن منهج
السماء فحُبس عنهم المطر ثلاث سنين وكادوا يهلكون ـ أن يستغفروا
__________________