في عوالم كثيرة وكلها تحتاج إلى صحة وسلامة واطمينان ليسعد في حياته ويرغد عيشه لذلك فقد ضمن له إصلاح كل تلك النواحي بتعاليمه وإرشاداته في فروضه ومستحباته ومكروهاته ومباحاته ، كما أنه يرى أن الروح والجسم وإن كانا وجودين مستقلين لكنهما ممتزجان ومتصلان إتصالاً يجعل أي تغير يحصل في إحداهما فهو فى الآخر صحة أو مرضاً لذلك فهو يطبهما مادياً ومعنوياً ويعالجهما دنيوياً واخروياً.
خذ مثلاً الغسل والوضوء والتيمم وانظر إلى شروطها وترتيبها لتعرف منظور الدين الاسلامي الحكيم في جعلها تطهيراً عرفياً وطبياًُ في جنب الطاعة الموجبة لاطمينان الخاطر والأمن في أداء الواجب الاخروي ومن البديهي المسلم أن أهم ما يلحظه الدين الاسلامي في العلاج والاصلاح في كل تكاليفه هو إدخال الطمأنينة والأمن إلى النفوس فانهما الحجر الأساسي في مداواة الروح والبدن.
فالأنبياء على هذا هم الأطباء الروحيون وهم المربون الاخلاقيون إذ لم تهبط رسالة سماوية ولم يبعث نبي أو رسول إلاّ بتهذيب الأرواح وصحة النفوس وتعليم الاخلاق الفاضلة ولكن لما كان الجسم قالبا للروح وكانت لسلامته وصحته دخل كبير في صحة الروح وسلامتها كان القسم الوافر من تعاليم الانبياء لعلاج البدن ومداواة أمراضه وأدوائه.
قال النبي (ص) : إن هذه القلوب تعمل كما تعمل الأبدان.
وقال أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب «ع» : إن للابدان حالات ست ؛ الصحة والمرض والنوم واليقضة والموت والحياة ، وكذلك الارواح فان صحتها اليقين ومرضها الترديد ونومها الغفلة ويقضتها التوجه وموتها الجهل وحياتها العلم.
ومن هنا نعرف أن سلامة الروح وصحتها تدل على صحة الجسم لذلك قيل : العقل السليم في الجسم السليم ، وإن من أعظم دلائل صحة الروح هي سلامة الأخلاق والانصاف بمكارمها لذلك قال النبي (ص) : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.