الالحاد بالربوبية قد كثرت عدتهم واشتدت خصومتهم ، وتسأل أن أصنع الرد عليهم والنقض لما في أيديهم كتاباً على نحو ما رددت على غيرهم من أهل البدع والاختلاف ونحن نحمد الله على النعم السابغة والحجج البالغة والبلاء المحمود عند الخاصة والعامة ( إلى أن يقول عليهالسلام ) ولعمري ما أتى الجهال من قبل ربهم وأنهم ليرون الدلالات الواضحات والعلامات البينات في خلقهم وما يعاينون في ملكوت السماوات والأرض والصنع العجيب المتقن الدال على الصانع ، ولكنهم قوم فتحوا على أنفسهم أبواب المعاصي وسهلوا لها سبيل الشهوات ، فغلبت الأهواء على قلوبهم واستحوذ الشيطان بظلمهم عليهم ، وكذلك يطبع الله على قلوب المفسدين.
وقد وافاني كتابك ورسمت لك كتاباً كنت نازعت فيه بعض أهل الأديان من أهل الأنكار وذلك أنه :
كان يحضرني طبيب من بلاد الهند وكان لا يزال ينازعني في رأيه ويجادلني عن ضلالته فبينما هو يوماً يدق اهليلجه ليخلطها بدواء إحتاج إليه من أدويته إذ عرض له شيء من كلامه الذي لم يزل ينازعني فيه من إدعائه أن الدنيا لم تزل ولا تزال شجرة تنبت وأخرى تسقط ونفس تولد وأخرى تتلف ، وزعم أن إنتحال المعرفة لله تعالى دعوى لا بينة لي عليها ولا حجة لي فيها ، وأن ذلك أمر أخذه الآخر عن الأول والأصغر عن الأكبر ، وأن الأشياء المختلفة والمؤتلفة والظاهرة والباطنة إنما تعرف بالحواس الخمس. فاخبرني بم تحتج في معرفة ربك الذي تصف قدرته وربوبيته وإنما يعرف القلب الأشياء كلها بالآلات الخمس.
إلى آخر ما يسوقه من إعتراض الطبيب وجواب الإمام «ع» من البراهين العقلية والدلائل الحسية التي أفحمته حتى جعلته يقر بالربوبية والوحدانية لله تعالى و قد أعرضنا عنها كلها عدا ما هو الشاهد لنا على إثبات ما للامام «ع» من معرفة خواص الأدوية ومنافع العقاقير ومضارها في عصر لم يدركها فيه غيره حتى الاخصائيين منهم بمعرفتها. وإليك محل الشاهد من الحديث :