النبي (ص) قوله : فر من المجذوم فرارك من الأسد (١). وقوله (ص) : لا تدخلوا بلداً يكون فيه الوباء (٢). وقوله صلىاللهعليهوآله : لا يوردن ممرض على مصح (٣) إلى غيرها من الأحاديث الدالة على ذلك.
إذن فالاسلام مثبت على هذا وجود الجراثيم المرضية وعدواها وانها موجودة في جسم المصاب ، وذلك قبل أن يكتشفها الدكتور الافرنسي ( دافين ) في سنة ١٨٥٠ وقبل أن يشاهدها بمجهر الدكتور ( باستور ) في أواخر القرن التاسع عشر.
هذا مضافاً إلى أن العقل يحكم بوجودها في الأمراض السارية المعدية وذلك لأن المرض لم يكن في الأجسام الا عرضاً وارداً عليها ، ومن المسلم أن العرض لا يمكن أن يقوم بذاته في الخارج دون أن يعرض على جسم آخر يقوم به ، فاذا قيل انتقل المرض فمعناه : أن الجسم الحامل له هو المنتقل به ، وليس المكروب إلا هذا الجسم الناقل ، ولم يرد النهي عن دخول البلد التي فيها الوباء أو الأمر بالفرار من المجذوم أو عدم ورود الممرض على المصح إلى غير ذلك إلا لغرض عدم إنتقال هذا الجسم الحامل للمرض ( الجراثيم ) من السقيم إلى السليم وليست العدوى إلا هذا.
بقي هنا أن تنظر إلى ما أخرجه رواة الحديث من الفريقين باسناد صحيحة عن رسول الله (ص) من قوله : لا عدوى ولا طيرة (٤) إلى غيره بالفاظ أخر فهو يؤل بأحد معنيين :
الأول : إن دين الاسلام جاء بنواميس تمنع من المام أي من الأوباء الموجبة للعدوى ، فقد نهى عن أقسام الفجور المستتبعة للامراض السارية كما جاء باصول
__________________
(١) البحار ج ١٦.
(٢) مجمع البحرين في باب عدوى وفي صحيح مسلم ج ٢.
(٣) صحيح مسلم ج ٢.
(٤) صحيح مسلم ج ٢ ص ٢٥٩.