سنين وكبرت إلى الآن في بطنها (١).
أقول : لا غرابة في مثل هذا أي في إحضار قطعة ثلج تقطر ماء بعد ما قص علينا القرآن الكريم من قصة آصف بن برخيا وقوله لسليمان عليهالسلام لما استحضر عرش بلقيس عنده ، أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه إلى أخر الآية وشتان بين أبن برخيا ومولانا أميرالمؤمنين «ع» فان ذاك إن كان عنده علم من الكتاب فالامام «ع» كان عنده علم الكتاب كله.
ومن لطائف ما وجدناه لأمير المؤمنين «ع» أيضاً ما رواه اليافعي في كتاب روض الرياحين ص ٤٢ قال : مر علي بن ابي طالب كرم الله وجهه في بعض شوارع البصرة ، فاذا هو بحلقة كبيرة والناس حولها يمدون اليها الأعناق ويشخصون إليها بالأحداق ، فمضى اليهم لينظر ما سبب إجتماعهم ، فاذا فيهم شاب من أحسن الشباب نقي الثياب عليه هيبة ووقار وسكينة الأخيار وهو جالس على كرسي ، والناس يأتونه بقوارير من الماء (٢) وهو ينظر في دليل المرضى (٣) ويصف لكل واحد منهم ما يوافقه من أنواع الدواء ، فتقدم عليهالسلام إليه وقال : السلام عليك أيها الطبيب ورحمة الله وبركاته. هل عندك شيء من أدوية الذنوب ؟ فقد أعيى الناس دواؤها يرحمك الله ، فأطرق الطبيب برأسه إلى الأرض ولم يتكلم ، فناداه الامام «ع» ثانية فلم يتكلم ، فناداه ثالثة كذلك فرفع الطبيب رأسه بعد ما ردّ السلام وقال : او تعرف انت ادوية الذنوب بارك الله فيك ، فقال الإمام عليهالسلام نعم ، قال صف وبالله التوفيق فقال «ع» تعمد إلى بستان الايمان فتأخذ منه عروق النية وحب الندامة وورق التدبر وبذر الورع وثمر الفقه وأغصان اليقين ولب الاخلاص وقشور الاجتهاد وعروق التوكل واكمام الاعتبار وسيقان الانابة وترياق التواضع. تأخذ هذه
__________________
(١) بحار الانوار للعلامة المجلسي ج ١٤ ص ٥٢٥.
(٢) المراد من الماء هنا البول من المريض.
(٣) دليل المرضى أي بولهم.