زرعك هذا؟ قال : مائة دينار ، قال : فكم ترجو أن تصيب؟ قال : لست أعلم الغيب! قال له : إنّما قلت : كم ترجو أن يجيئك فيه؟ قال : أرجو أن يجيء مائتا دينار ، فأخرج عليهالسلام له صرّة فيها ثلاثمائة دينار وقال : هذا زرعك على حاله والله يرزقك فيه ما ترجو. فقام العمري فقبّل رأسه عليهالسلام وسأله أن يصفح عن فارطه ، فتبسّم عليهالسلام إليه وانصرف وراح عليهالسلام إلى المسجد ، فوجد العمري جالسا ، فلمّا نظر إليه عليهالسلام قال : الله أعلم حيث يجعل رسالته (١) وفوثب إلى العمري أصحابه فقالوا : ما قصّتك؟ قد كنت تقول غير هذا! قال لهم : قد سمعتم ما قلت الآن ـ وجعل يدعو له عليهالسلام ـ فخاصموه وخاصمهم ـ فلمّا رجع عليهالسلام إلى داره قال لجلسائه الّذين سألوه قتله أيّما كان خيرا؟ ما أردتم أم ما أردت (٢).
وروى العيون عن إبراهيم بن العبّاس قال : ما رأيت الرضا عليهالسلام جفا أحدا بكلامه قطّ ، وما رأيت قطع على أحد كلامه حتّى يفرغ منه ، وما ردّ أحدا عن حاجة يقدر عليها ، ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قطّ ، ولا اتّكأ بين يدي جليس له قطّ ولا رأيته شتم أحدا من مواليه ومماليكه قطّ ، ولا رأيته تفل ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه قطّ بل كان ضحكه التبسّم ، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس معه على مائدته مماليكه حتّى البوّاب والسائس ، وكان عليهالسلام قليل النوم بالليل كثير السهر يحيي أكثر لياليه من أوّلها إلى الصبح ، وكان كثير الصيام فلا يفوته صيام ثلاثة أيّام في الشهر ويقول : ذلك صوم الدهر ، وكان عليهالسلام كثير المعروف والصدقة في السرّ ، وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة ، فمن زعم أنّه رأى مثله فلا تصدّقوه (٣).
وفي المناقب : دخل الرضا عليهالسلام الحمّام فقال له بعض الناس دلّكني ، فجعل يدلّكه ، فعرّفوه ، فجعل الرجل يستعذر منه وهو عليهالسلام يطيّب قلبه ويدلّكه (٤).
وفي الكافي عن إبراهيم بن هاشم : استأذن على أبي جعفر الجواد عليهالسلام قوم من أهل النواحي فأذن لهم فدخلوا فسألوه في مجلس واحد عن ثلاثين ألف
__________________
(١) مقاتل الطالبيّين : ٣٣٢ ، الإرشاد : ٢٩٧.
(٢) مقاتل الطالبيّين : ٣٣٢ ، الإرشاد : ٢٩٧.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٨٤.
(٤) المناقب ٤ : ٣٦٢.