ثم يؤمر بحشر الناس إلى موقف العرض والحساب وهو الساهرة فقال الله عزّ وجل : ( فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ).
وأما صفة الحشر فقد قال الله عزّ وجل : ( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً ).
وأما قول الله عزّ وجل في صفة الكفّار يوم القيامة : ( خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ ) وقوله : ( خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ ) ، فإن المراد بذلك والله أعلم حال مضيّهم إلى الموقف. وقوله : ( مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ ) إنما هو إذا طال القيام عليهم في الموقف. فيصيرون من الحيرة كأنهم لا قلوب لهم ، ويرفعون رءوسهم فينظرون النظر الطويل الدائم ، ولا يرتدّ إليهم طرفهم كأنهم قد نسوا الغمض أو جهلوه ، والناس في القيامة لهم أحوال ومواقف ، واختلفت الأخبار عنهم لاختلاف مواقفهم وأحوالهم.
والأخبار تدلّ على أن العطش يعمّ الناس في ذلك اليوم ، إلا أن المجرمين لا يسكن عطشهم ، ولكنه يزداد حتى يوردوا النار فيشربون شرب الهيم نعوذ بالله من عذاب النار.
وأما المتّقون ومن شاء الله من المخلّطين المؤمنين فإنهم يسقون من حوض نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم.
قال البيهقي : ويشبه أن يكون عطش المتقين لكي إذا سقوا من حوض المصطفى صلّى الله عليه وسلّم وجدوا لذة ذلك الماء ، إذ الرّيّان لا يستلذ الماء كما يستلذه العطشان.
[٩١] ـ أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن القاضي ، حدّثنا إبراهيم بن الحسين ، حدّثنا آدم بن أبي إياس ، حدّثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ) (١) ، يعني صيحة واحدة ، وقوله : ( فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ) (٢) ، قال : المكان المستوي (٣).
__________________
[٩١] تغليق التعليق ( ٥ / ١٨٠ ).
(١) النازعات : ١٣.
(٢) النازعات : ١٣.
(٣) أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره ( ٣٠ / ٢٣ ـ ٢٤ ).