أمري أهدكم سبيل الرشاد والسلام » (١).
فأخبر بالكتاب المنذر وأتى بالرسول إلى ابن زياد ، وكان ابن زياد في البصرة والنعمان بن بشير الأنصاري في الكوفة عاملين عليها ليزيد فتعتع الشيعة عند ورود مسلم الكوفة بالنعمان فلم يحب الشدّة وتحرّج ، فكتب جماعة من العثمانيّة إلى يزيد فعزله وأعطى المصرين إلى عبيد الله بن زياد ، فلمّا قرأ الكتاب ونظر الرسول قتله ، وجعل أخاه عثمان على البصرة وتوعّدها ، وخرج إلى الكوفة ومعه شريك بن الأعور ، وكان قد جاء من خراسان معزولا عن عمله عليها ، ومسلم بن عمرو الباهلي وكان رسول يزيد إلى عبيد الله بولاية المصرين ، وحصين بن تميم التميمي وكان صاحبه الذي يعتمد عليه ، وجعل شريك يتمارض في الطريق ليحبسه عن الجدّ فيدخل الحسين الكوفة فما عاج عليه وتقدّم حتّى دخلها ونظم مسالحها على ضفة الطف من البصرة إلى القادسيّة (٢). ولما جاء كتاب مسلم إلى الحسين عزم على الخروج ، فجمع أصحابه في الليلة الثامنة من ذي الحجّة فخطبهم فقال : « الحمد لله وما شاء الله ولا قوّة إلاّ بالله ، خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة ؛ على جيد الفتاة ؛ وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف ، وخيّر لي مصرع أنا لاقيه ، فكأنّي بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا فيملأن منّي أكراشا جوفا وأجربة سغبا ، لا محيص عن يوم خطّ بالقلم ، رضاء الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفّينا أجور الصابرين ولن تشذّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لحمته وهي مجموعة في حظيرة القدس ، تقرّ بهم عينه وينجز بهم وعده ، فمن كان باذلا فينا
__________________
(١) راجع الكامل : ٣ / ٣٨٨ ، الإرشاد : ٢ / ٤٠.
(٢) القادسيّة : موضع بالعراق. راجع معجم البلدان : ٤ / ٢٩١.