ما سمعته من أبي الحسن عليّ بن موسى عليهالسلام. قال : قلت : أخبرت أمير المؤمنين بما قال لي. قال : لا والله ، لتصدقني بما أخبرك به ممّا قلته له (١). قال : قلت له : يا أمير المؤمنين فعمّا تسألني؟ فقال : بالله يا هرثمة أسرّ إليك شيئا غير هذا. فقلت : نعم. قال : فما هو؟ قلت : خبر العنب والرمّان. فأقبل يتلوّن ألوانا بصفرة وحمرة وسواد ، ثمّ مدّ نفسه كالمغشيّ عليه وسمعته في غشيته وهو يقول : ويل للمأمون من رسول الله ، ويل للمأمون من عليّ بن أبي طالب ، ويل للمأمون من فاطمة ، ويل للمأمون من الحسن والحسين ، ويل للمأمون من عليّ بن موسى ، ويل لأبيه هارون من موسى بن جعفر ، هذا والله الخسران حقّا ؛ يقول هذا القول ويكرّره. فلمّا رأيته قد أطال ذلك ولّيت عنه فجلست في بعض الدار. قال : فجلس ودعاني ، فدخلت إليه وهو كالسكران ، فقال لي : والله ما أنت أعزّ عليّ منه ولا جميع من في الأرض ، فو الله لئن بلغني أنّك أعدت ما سمعت ورأيت ليكوننّ هلاكك أهون عليّ ممّا لم يكن. قال : فقلت : يا أمير المؤمنين إن ظهر عليّ ذلك فأنت في حلّ من دمي. قال : لا والله إلاّ أن تعطيني عهدا وميثاقا أنّك تكتم هذا ولا نعيده. قال : فأخذ منّي العهد والميثاق وأكثره عليّ ، فلمّا ولّيت عنه صفق بيده وسمعته يقول : ( يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ ) (٢) الى آخر الآية (٣).
ودفن الرضا عليهالسلام في دار حميد بن قحطبة في قرية يقال لها سناباذ بأرض طوس ، وفيها قبر الرشيد وقبر الرضا عليهالسلام.
فصل
في ذكر أولاد الرضا عليهالسلام
مضى الرضا عليهالسلام ولم يترك ولدا إلاّ أبا جعفر محمّد بن عليّ عليهماالسلام ، وهو الإمام
__________________
(١) كذا في الأصل ، وفي دلائل الإمامة : « ممّا قلت له ».
(٢) النساء : ١٠٨ وتتمّة الآية : ( وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً ).
(٣) دلائل الإمامة : ص ١٧٧ ـ ١٨٢.