ابن أبي طالب عليهالسلام ، فتقدّمت لاقبّل قدميه فرفسني في وجهي وقال : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ ) (١) ثمّ حوّل وجهه ودخل بابا فانتبهت مذعورا.
فقلت : يا أمير المؤمنين أمرتني أن القي عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام للسباع.
فقال : ويلك ألقيته؟ قلت : إي والله. قال : امض فانظر الذي فعلت فأخذت الشمع بين يدي إلى أن وصلت إلى الموضع ، فطالعت إليه فإذا هو قائم يصلّي والسباع حوله يلحسون قدميه ، فعدت إليه فأخبرته بذلك فلم يصدّقني. وقام وأخذ الفراشين والشمع بين يديه وأطلع فشاهده على تلك الحال فقال : السلام عليك يا ابن عمّ ، فلم يلتفت إليه حتى فرغ من صلاته ودعائه وردّ عليه ، ثمّ قال : وعليك السلام ، قد كنت أرجو أن لا تسلّم عليّ في هذا الموضع فقال : المعذرة إلى الله تعالى وإليك يا ابن العمّ فإن السكر حملني وأنطقني ذلك فأمرت بما لا يحل ولا يحمل. فقال : قد نجّاني الله تعالى وله الحمد والشكر كثيرا من كيد كلّ كائد. ثمّ قال : قم يا ابن العم. فقال : نعم ، ففتحت الباب وأقبل نحونا ، فو الله ما تبعه سبع ولا نظر إليه ولا هاله شيء من ذلك ، فخرج فعانقه الرشيد ثمّ حمله إلى مجلسه ورفعه فوق سريره وقال له : يا ابن عمّ إن أردت المقام معنا فبالرحب والسعة وقد أمرنا لك ولأهلك بمال وثياب وأنا أسأل قبول ذلك ، وإن أردت الرجوع الى بلدك فامض مصاحبا. فقال : أمّا أنا فلا حاجة لي في المال والثياب ، ولكن في قريش ضعفاء ففرّق ذلك فيهم ، وذكر له أقواما أمر لهم بصلة وكسوة.
وما زال يسأل له أن يركب بغال البريد الى الموضع الذي يريد فأجابه الى ذلك وقال لي الرشيد : شيّعه وسر معه وودّعه. فمضيت معه إلى بعض الطريق ورجعت عنه (٢).
وذكر ابن جرير الطبري : إنّ عيسى بن محمّد بن أبي خالد بينا هو في عرض
__________________
(١) محمّد : ٢٢.
(٢) مهج الدعوات : ص ٢٤٨ ـ ٢٤٩.