أبي الخطاب ، فقال مبتدئا : ما يمنعك أن تلقى ابني فتسأله عن جميع ما تريد.
قال : فذهبت إليه وهو قاعد في الكتاب وعلى شفتيه أثر مداد ، فقال لي : يا با عيسى إنّ الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق النبيّين على النبوّة فلن يتحوّلوا عنها إلى غيرها أبدا ، وأخذ ميثاق الوصيّين على الوصيّة فلن يتحوّلوا عنها إلى غيرها أبدا ، وأعار قوما الإيمان زمانا ثمّ سلبهم إيّاه ، وانّ الخطّاب ممّن اعير الإيمان. ثمّ سلبه الله إيّاه.
قال : فضممته إلى صدري ، وقبّلت بين عينيه ، وقلت : بأبي وامّي ذريّة بعضها من بعض ، أتيته فأخبرني مبتدئا من غير أن أسأله عن شيء بجميع ما أردت.
قال : يا عيسى إنّ ابني الذي رأيته لو سألته عن ما بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم.
قال عيسى : ثمّ أخرجه ذلك اليوم من الكتاب فعلمت عند ذلك أنّه صاحب هذا الأمر (١).
وقال صفوان الجمّال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام من صاحب هذا الأمر؟ فقال : صاحب هذا الأمر لا يلهو ولا يلعب.
فأقبل أبو الحسن وهو صغير ومعه عناق مكّيّة (٢) ، وهو يقول لها : اسجدي لربّك. فأخذه أبو عبد الله وضمّه إليه وقال : بأبي من لا يلهو ولا يلعب (٣).
وقيل : إنّه لمّا خرج الرشيد إلى الحجّ وقرب من المدينة استقبله الوجوه من أهلها يقدمهم موسى بن جعفر عليهماالسلام على بغلة. فقال له الربيع : ما هذه الدابّة التي تلقّيت عليها أمير المؤمنين وأنت إن طلبت لم تدرك ، وإن طلبت لم تفت؟ فقال : إنّها تطأطأت عن خيلاء الخيل ، وارتفعت عن ذلّة العير ، وخير الامور أوسطها (٤).
ولمّا دخل هارون الرشيد المدينة توجّه لزيارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعه الناس ، فتقدّم
__________________
(١) دلائل الإمامة : ص ١٦٤.
(٢) العناق : كسحاب ، الانثى من أولاد المعز ما لم يتمّ لها سنة.
(٣) الإرشاد : ص ٢٩٠.
(٤) الإرشاد : ص ٢٩٧.