وروي أنّ قريشا كانت في جدب شديد وضيق من الزمان ، فلمّا حملت آمنة بنت وهب برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم اخضرّت لهم الأرض ، وحملت لهم الأشجار ، وأتاهم الوفد من كلّ مكان ، فأخصب أهل مكّة خصبا عظيما ، فسمّيت السنة التي حمل فيها برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سنة الفتح والاستيفاء والابتهاج ، ولم تبق كاهنة إلاّ حجبت عن صاحبتها ، وانتزع علم الكهنة ، وبطل سحر السحرة ، ولم يبق سرير لملك من الملوك إلاّ أصبح منكوسا ، والملك مخرسا لا يتكلّم يومه ذلك ، وفي كلّ شهر من الشهر نداء من السماء أن ابشروا فقد آن لمحمّد أن يخرج الى الأرض ميمونا مباركا (١).
وروى الزهري ، عن علي بن الحسين عليهماالسلام أن أبيه صلّى الله عليه قال : أوّل خبر قدم المدينة في ولادة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لامرأة تدعى فطيمة ، وكان لها تابع ، فجاءها ذات يوم فقام مذعورا على الجدار يرتعد ارتعادا شديدا ، فقالت له : انزل مالي أراك على هذه الصفة؟
فقال : ومالي لا أكون على هذه الصفة وقد ولد الرسول المصطفى ، ولد الرسول المجتبى ، كلّت الشياطين ، ومنعت الجنّ عن أخبار الغيوب.
فقالت له فطيمة : فمه؟
قال : يحرّم الزنا (٢).
قال : وروى ابن أبي سبرة ، عن يحيى بن شبل ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سمعت آبائي يحدّثون ويقولون : كانت لقريش كاهنة يقال لها جرهمانيّة ، وكان لها ابن من اشدّ قريش عبادة للأصنام ، فلمّا كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جاءت إليها تابعتها وقالت لها : جرهمانيّة حيل بيني وبينك ، جاء النور الممدود الذي من دخل في نوره نجا ، ومن تخلّف عن نوره هلك ، وهو أحمد صاحب اللواء الأكبر والعزّ الآبد ، وابنها يسمع.
__________________
(١) بحار الأنوار : ج ١٥ ص ٢٩٦ باب ٣ ح ٣٣.
(٢) لم نعثر عليه في مظانه.