فقال جابر : فقلت في نفسي : شكوت إليه الحاجة فقال : ما عندي شيء ، وأمر للكميت بثلاثين ألف درهم! وخرج الكميت.
فقال : يا جابر قم فادخل ذلك البيت.
قال : فدخلته فلم أجد فيه شيئا ، فخرجت فأخبرته فقال : يا جابر ما سترنا عنك أكثر ممّا أظهرناه لك. ثمّ قام فأخذ بيدي فأدخلني البيت وضرب برجله الأرض فإذا شبيه عنق البعير قد خرج من ذهب فقال : يا جابر انظر الى هذا ولا تخبر به إلاّ من تثق به من إخوانك ، يا جابر إنّ جبرائيل عليهالسلام أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غير مرّة بمفاتيح خزائن الأرض وكنوزها وخيّره من غير أن ينقصه الله ممّا أعدّ له شيئا فاختار التواضع لله عزّ وجلّ ، ونحن نختاره يا جابر ، إنّ الله أقدرنا على ما نريد من خزائن الأرض ، ولو شئنا أن نسوق الأرض بأزمّتها لسقناها (١).
وقال عطية أخو أبي العوام : كنت مع أبي جعفر عليهالسلام في مسجد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ أقبل أعرابي على جمل له فعقله ، ثمّ دخل فضرب بيده يمينا وشمالا كأنّه طائر العقل ، فهتف به أبو جعفر عليهالسلام فلم يسمعه ، فأخذ كفّا من حصى فحصبه به ، فأقبل الأعرابي حتى برك بين يديه ، فقال له : يا أعرابي من أين أقبلت؟ قال : من أقصى الأرض وما خلفي من شيء ، أقبلت من الأحقاف. قال : أيّ الأحقاف؟ قال : أحقاف عاد. قال : يا أعرابي فما مررت به في طريقك؟ قال : مررت بكذا.
قال : فقال أبو جعفر : ومررت بكذا؟ فقال الأعرابي : نعم ومررت بكذا. قال أبو جعفر عليهالسلام : ومررت بكذا.
فلم يزل يقول الأعرابي : مررت بكذا ، ويقول له أبو جعفر عليهالسلام : ومررت بكذا ، الى أن قال له أبو جعفر : فمررت بشجرة يقال لها شجرة الرفاف. قال : فوثب الأعرابي على رجليه ثمّ صفق بيده وقال : تالله ما رأيت رجلا أعلم بالبلاد منك ، أوطئتها؟ قال : لا يا أعرابي ولكنّها عندي في كتاب ، يا أعرابي إنّ من ورائكم لواد
__________________
(١) الاختصاص : ص ٢٧١ ـ ٢٧٢.