وتقدّم بعده جعفر بن عليّ ، فقتله هاني أيضا.
وتعمّد خوليّ بن يزيد الأصبحي عثمان بن عليّ ، وقد قام مقام إخوته ، فرماه فصرعه. وشدّ عليه رجل من بني دارم فاحتزّ رأسه.
وحملت الجماعة على الحسين عليهالسلام فغلبوه على عسكره ، واشتدّ به العطش ، فركب المسنّاة يريد الفرات وبين يديه أخوه العبّاس ، فاعترضه خيل ابن سعد لعنه الله وفيهم رجل من بني دارم ، فقال لهم : ويلكم حولوا بينه وبين الماء ولا تمكّنوه منه. فقال الحسين عليهالسلام : اللهمّ أضمه. فغضب الدارميّ ورماه بسهم فأثبته في حنكه ، فانتزع الحسين عليهالسلام السهم وبسط يديه تحت حنكه فامتلأت راحتاه بالدم فرمى به ثمّ قال : اللهمّ إنّي أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيّك. ثمّ رجع إلى مكانه وقد اشتدّ به العطش.
وأحاط القوم بالعبّاس فاقتطعوه عنه ، فجعل يقاتلهم وحده حتى قتل رحمة الله عليه.
ولمّا رجع الحسين عليهالسلام من المسنّاة الى فسطاطه تقدّم إليه شمر بن ذي الجوشن لعنه الله في جماعة من أصحابه وأحاط به ، فأسرع منهم رجل يقال له مالك بن اليسر الكنديّ فشتم الحسين عليهالسلام وضربه على رأسه بالسيف ، وكان عليه قلنسوة فقطعها حتى وصل الى رأسه فأدماه ، فامتلأت القلنسوة دما ، فقال له الحسين عليهالسلام : لا أكلت بيمينك ولا شربت بها وحشرك الله مع الظالمين. ثمّ ألقى القلنسوة ، ودعا بخرقة فشدّ بها رأسه ، واستدعى قلنسوة اخرى فلبسها واعتمّ عليها. ورجع عنه شمر ومن كان معه الى مواضعهم.
فمكثوا هنيئة ثمّ عادوا إليه وأحاطوا به ، فخرج إليهم عبد الله بن الحسن بن عليّ عليهالسلام ، وهو غلام لم يراهق من عند النساء حتى وقف الى جنب الحسين عليهالسلام ، وأهوى الحرّ بن كعب الى الحسين عليهالسلام بالسيف ، فقال له الغلام : ويلك يا ابن الخبيثة أتقتل عمّي ، فضربه بالسيف فاتّقاه الغلام بيده فأطنّها الى الجلدة ، فنادى الغلام : يا امّتاه ، فأخذه الحسين عليهالسلام وضمّه إليه وقال : يا ابن أخي اصبر على ما نزل بك