ثمّ قال لهم الحسين عليهالسلام : فإن كنتم في شكّ من هذا أو تشكّون أنّي ابن بنت نبيّكم فو الله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبيّ غيري فيكم ولا في غيركم ، ويحكم أتطلبوني بقتيل منكم قتلته ، أو مال لكم استهلكته ، أو بقصاص من جراحة.
فأخذوا لا يكلّمونه.
فنادى : يا شبث بن ربعي ، يا حجّار بن أبجر ، يا قيس بن الأشعث ، يا يزيد بن الحارث ، ألم تكتبوا إليّ أن قد أينعت الثمار واخضرّ الجنان وإنّما تقدم على جند لك مجنّدة.
فقال له قيس بن الأشعث : ما ندري ما تقول ولكن انزل على حكم بني عمّك فإنّهم لن يروك إلاّ ما تحبّ.
فقال له الحسين عليهالسلام : لا والله لا اعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد. ثمّ نادى : يا عباد الله إنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون ، أعوذ بربّي وربّكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب.
ثمّ إنّه عليهالسلام أناخ راحلته ، وأمر عطية بن سمعان (١) فعقلها ، وأقبلوا يزحفون نحوه ، فلمّا رأى الحرّ بن يزيد أنّ القوم قد صمّموا على قتال الحسين عليهالسلام قال لعمر بن سعد : أي عمر أتقاتل أنت هذا الرجل؟ قال : أي والله قتالا أيسره أن تسقط الرءوس وتطيح الأيدي.
فأقبل الحرّ حتى وقف من الناس موقفا ، ومعه رجل من قومه يقال له قرّة بن قيس ، فقال له : يا قرّة هل سقيت فرسك اليوم؟ قال : لا. قال : فما تريد أن تسقيه؟
قال قرّة : فظننت والله أنّه يريد أن يتنحّى فلا يشهد القتال ، فكره أن أراه حين يصنع ذلك ، فقلت له : لم اسقه وأنا منطلق أسقيه. فاعتزل ذلك المكان الذي كان فيه وأخذ يدنو الى الحسين عليهالسلام قليلا قليلا ، فقال له المهاجر بن أوس : ما تريد يا ابن يزيد ، أتريد أن تحمل؟ فلم يجبه وأخذه مثل الأفكل وهي الرعدة.
__________________
(١) في الإرشاد : عقبة بن سمعان.