الى حائط تلك الدار ، فأعاد ابن الأشعث عليه القول : لك الأمان. قال : آمن؟ قال : نعم. فقال للقوم الذين معه : لي الأمان؟ قال القوم له : نعم ، إلاّ عبد الله (١) بن العبّاس فإنّه قال : لا ناقة لي في هذا ولا جمل ، وتنحّى. فقال له مسلم : أما والله لو لم تؤمنوني ما وضعت يدي في أيديكم. واتي ببغلة فحمل عليها ، واجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه ، فكأنّه عند ذلك يئس من نفسه فدمعت عيناه ثمّ قال : هذا أوّل الغدر (٢).
وأقبل ابن الأشعث بابن عقيل الى باب القصر ، واستأذن فاذن له ، فدخل على ابن زياد فأخبره بخبر ابن عقيل وما كان من أمانه له. فقال له عبيد الله : وما أنت والأمان. فسكت ابن الأشعث.
وخرج رسول ابن زياد فأمر بإدخال ابن عقيل ، فلمّا دخل لم يسلّم على ابن زياد بالامرة ، فقال له بعض الحرس : ألا تسلّم على الأمير. فقال : إن كان يريد قتلي فما سلامي عليه ، وإن كان لا يريد قتلي ليكثر سلامي عليه. فقال له ابن زياد : لعمري لتقتلنّ. قال : دعني اوصي الى بعض قومي. فنظر مسلم الى بعض جلساء عبيد الله فيهم عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فقال له : يا عمر إنّ بيني وبينك قرابة ولي إليك حاجة وقد يجب عليك نجح حاجتي ، وهي سرّ.
فامتنع عمر أن يسمع منه ، فقال له عبيد الله : لم تمتنع أن تنظر في حاجة ابن عمّك. فقام معه وجلسا حيث ينظر إليهما ابن زياد ، فقال له : عليّ بالكوفه دين استدنته منذ قدمتها سبعمائة درهم فبع سيفي ودرعي واقضها عنّي ، وإذا قتلت فاستوهب جثّتي فوارها ، وابعث الى الحسين من يردّه.
فقال عمر بن سعد لابن زياد : إنّه قال كذا وكذا. فقال ابن زياد : إنّه لا يخونك الأمين ولكن قد يؤتمن الخائن ، أمّا ماله فهو لك ولسنا نمنعك منه ، وأمّا جثّته فإنّا لا نبالي إذا قتلناه ما صنع بها ، وأمّا الحسين فإن هو لم يردنا لم نرده.
ثمّ أمر به فاصعد فوق القصر فقال : اضربوا عنقه ثمّ أتبعوه جسده. ودعا
__________________
(١) كذا ، والصواب : عبيد الله.
(٢) الإرشاد : ص ٢٠٦ ـ ٢١٤ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ص ٣٥٢ ـ ٣٥٣ باب ٣٧ جزء من ح ٢.