ابن زياد. فقال له سرجون : أرأيت معاوية لو نشر لك أكنت آخذا برأيه؟ قال : نعم. قال : فأخرج سرجون عهد عبيد الله بن زياد على الكوفة وقال : هذا رأي معاوية ، فضمّ المصرين الى عبيد الله بن زياد. فقال يزيد : أفعل. وكتب إليه بولايته على الكوفة مع البصرة (١) ، وأمره أن يدسّ الى مسلم حتى يأخذه.
وخرج عبيد الله بن زياد حتى أتى الكوفة فدخلها متلثّما ، فجعل يمرّ بمجالسهم ويسلّم عليهم فيردّون عليه : وعليك السلام يا ابن رسول الله ، وهم يظنّون أنّه الحسين عليهالسلام. فنزل القصر ودفع الى مولى له يقال له معقل أربعة آلاف درهم وقال له : تعرّف موضع مسلم بن عقيل ، فإذا لقيته فادفع إليه المال وقل له : تستعين به على أمرك. فخرج وفعل ذلك ثمّ رجع الى ابن زياد فأخبره بتحوّل مسلم الى منزل هاني بن عروة.
ودخل على ابن زياد وجوه أهل الكوفة ومعهم عمرو بن حريث ومحمّد بن الأشعث وشريح بن هانئ ، فقال لهم : أين هانئ بن عروة؟
فخرج حريث حتى أتى هانئا وقال له : إنّ الأمير ذكرك. فقال : مالي وللأمير. ولم يزل به حتى ركب إليه. فلما رآه عبيد الله قال له : أين مسلم بن عقيل؟ قال : والله ما أنا دعوته ، ولو كان تحت قدميّ ما رفعتهما عنه. فرماه بعمود كان معه فشجّه.
وبلغ الى مسلم خبره فخرج بمن عنده من الرجال فرأوا قومهم وأشرافهم عند ابن زياد فانصرفوا عنه حتى ما أمسى معه إلاّ أربعمائة ، فجاء أصحاب ابن زياد فقاتلهم مسلم قتالا شديدا حتى اختلط الظلام ، فتركوه وحده ، فخرج متوجّها نحو أبواب كندة ، فالتفت فإذا هو لا يحسّ أحدا يدلّه على الطريق ، فمضى على وجهه لا يدري أين يذهب حتى خرج الى دور بني جبلة من كندة ، فمضى حتى انتهى الى باب امرأة يقال لها طوعة ، وهي واقفة تنتظر ولدها بلالا ، فسلّم عليها واستسقاها ماء ، فسقته وجلس ، وأدخلت الإناء ثمّ خرجت وقالت : يا عبد الله ألم تشرب ماء؟ قال : بلى. قالت : فاذهب الى أهلك. فقام وقال لها : يا امة الله مالي في هذا المصر
__________________
(١) الإرشاد : ص ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ، بحار الأنوار : ج ٤٤ ص ٣٣٥ ـ ٣٣٧ باب ٣٧ جزء من ح ٢.