في شوال ، وكان حلف الفضول في ذي القعدة ، وبينهم وبين الفيل عشرون سنة وكان حلف الفضول أكرم حلف كان قط وأعظمه شرفا.
وكان أوّل من تكلّم فيه ودعا إليه الزبير بن عبد المطّلب ، وذلك أنّ الرجل من العرب ... (١) من العجم كان يقدم بتجارة الى مكّة ربّما ظلموا ، فكان آخر من ظلم بها رجل من بني زيد بن مذحج قدم بسلعة فباعها من العاص بن وائل السهمي وكان شريفا عظيم القدر فظلمه ثمنها ، فناشده الزبيدي في حقّه قبله ، فأبى عليه ، فأتى الزبيدي الأحلاف وهم عبد الدار ومخزوم وجمح وسهم وعدي فأبوا أن يعينوه على العاص وزبروه ، فلمّا رأى الزبيدي ذلك أوفى على أبي قبيس قبل طلوع الشمس وقريش في أنديتهم حول الكعبة وصاح بأعلى صوته :
يا آل فهر لمظلوم بضاعته |
|
ببطن مكّة نائي الحيّ والنفر |
إنّ الحرام لمن تمّت حرامته |
|
ولا حرام لثوب الكافر الغدر (٢). |
قال : فقام في ذلك الزبير بن عبد المطّلب وقال : ما لهذا منزل. فاجتمعت هاشم وزهرة وتيم بن مرّة في دار عبد الله بن جدعان وصنع لهم طعاما فتحالفوا في ذي القعدة في شهر حرام قياما يتماسحون صعدا ، فتعاقدوا وتحالفوا وتعاهدوا بالله ليكوننّ يدا واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يؤدّوا إليه حقّه ما بلّ بحر صوفه وما أرسى ثبير (٣) وجرى مكانهما ، وعلى التأسّي في المعاش. فسمّت قريش ذلك الحلف حلف الفضول.
وقيل : لقد دخل هؤلاء في فضل من الأمر.
وحكي عن بعض علماء قريش أنّه قال : كان مثل هذا الحلف في جرهم ، فمشى فيه رجال يقال لهم أفضل وفضّال وفضيل وفضالة ، فبذلك سمّت قريش هذا الحلف حلف الفضول. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لقد شهدت حلفا في دار عبد الله بن
__________________
(١) كلمة مطموسة ، لعلها : وربما.
(٢) وفي الروض الآنف : ج ١ ص ١٥٦ : « كرامته » بدل « حرامته » و « الفاجر » بدل « الكافر ».
(٣) ثبير : جبل في مكّة.