ما غبيّا سألت وابن غبيّ |
|
بل فقيها إذن وأنت الجهول |
فإن تك قد جهلت فإنّ عندي |
|
شفاء الجهل ما سأل السئول |
وبحرا لا تقسّمه الدوالي |
|
تراثا كان أورثه الرسول |
لقد بسطت لسانك ، وعدوت طورك ، وخادعتك نفسك ، غير أنّك لا تبرح حتّى تؤمن إن شاء الله تعالى. فتبسّم الأعرابي وقال : هيه (١). فقال له الحسن عليهالسلام : نعم اجتمعتم في نادي قومك ، وتذاكرتم ما جرى بينكم على جهل وخرق منكم ، فزعمتم أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم صنبور (٢) والعرب قاطبة تبغضه ، ولا طالب له بثأره ، وزعمت أنّك قاتله وكافي قومك مئونته ، فحملت نفسك على ذلك ، وقد أخذت قناتك بيدك تؤمّه تريد قتله ، فعسر عليك مسلكك ، وعمي عليك بصرك ، وأبيت إلاّ ذلك ، فأتيتنا خوفا من أن يستهزءوا بك ، وإنّما جئت لخير يراد بك انبئك عن سفرك : خرجت في ليلة ضحياء إذ عصفت ريح شديدة واشتدّ منها ظلماؤها ، وأطبقت سماؤها ، وأعصر سحابها ، فبقيت محرنجما كالأشقر إن يقدّم نحر (٣) وإن تأخّر عقر ، لا تسمع لواطئ حسّا ، ولا لنافخ نار جرسا ، تداكّت عليك غيومها ، وتوارت عنك نجومها ، فلا تهتدي بنجم طالع ، ولا بعلم لامع ، تقطع محجّة وتهبط لجّة في ديمومة قفرة ، بعيدة القعر ، مجحفة بالسفر ، إذا علوت مصعدا ازددت بعدا ، الريح تخطفك ، والشوك يخبطك ، في ريح عاصف ، وبرق خاطف قد أوحشتك آكامها ، وقطعتك سلامها ، فأبصرت فإذا أنت عندنا ، وقرّت عينك ، فطهر رينك وذهب أنينك. قال : من أين قلت يا غلام هذا كأنك كشفت عن سويداء قلبي ،
__________________
(١) هيه : كلمة تقال لشيء يطرد ، وهي أيضا كلمة استزاده.
(٢) قال الجزري : إنّ قريشا كانوا يقولون انّ محمّدا صنبور ، أي ابتر لا عقب له وأصل الصنبور سعفة تنبت في جذع النخلة لا في الأرض. وقيل : هي النخلة المنفردة التي يدق أسفلها أرادوا أنّه اذا قطع انقطع ذكره كما يذهب أثر الصنبور لأنّه لا عقب له.
(٣) من كلام لقيط بن زرارة يوم جبلة وكان على فرس أشقر ، يقول : إن جريت على طبعك فتقدّمت الى العدو قتلوك وإن أسرعت فتأخّرت منهزما أتوك من ورائك فعقروك ، فاثبت والزم الوقار. مجمع الأمثال : ج ٢ ص ١٤٠.