قال : وكان ابن عبّاس حاضرا يومئذ فلمّا سمع ذلك وثب قائما على قدميه ثمّ قال : يا ابن الزبير أمّا ما ذكرت من أمّ المؤمنين عائشة فإنّ أوّل من هتك عنها الحجاب أنت وأبوك وخالك ، وقد أمر الله تعالى أن تقرّ في بيتها ولم تفعل. وأمّا أبوك وأنت وخالك وطلحة وأشياعكم فلقد لقيناكم يوم الجمل وقاتلناكم فإن كنّا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم المؤمنين ، وإن كنّا كافرين فقد كفرتم بفراركم من الزحف. وأمّا ذكرك المتعة التي احلّها فإنّي إنّما كنت أفتيت الناس في خلافة عثمان وقلت إنّما هي كالميتة والدم ولحم الخنزير لمن اضطرّ إليها حتى نهاني عن ذلك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام وقال : إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حين رخّص فيها على حدّ الضرورة. وبعد فانّه قد كان يجب عليك أن لا تذكر المتعة فإنّك إنّما ولدت من المتعة ، وإذا نزلت عن منبرك هذا فصر الى امّك فسلها عن بردي عوسجة.
قال : فقال له ابن الزبير : اخرج عنّي لا تجاورني.
قال : إنّي والله لأخرجنّ خروج من يقلاك ويذمّك. ثمّ قال ابن عبّاس : اللهمّ إنّك قادر على خلقك ، وقائم على كلّ نفس بما كسبت ، اللهمّ إن هذا قد أبدى لنا العداوة والبغضاء فارمه منك بحاصب وسلّط عليه من لا يرحمه.
قال : ثمّ خرج ابن عبّاس من مكّة الى الطائف ومحمّد بن الحنفيّة في أصحابه ، وجعل ابن عبّاس يقول لمن معه : أيّها الناس إنّ الله تبارك وتعالى حرّم هذا الحرم منذ خلق السماوات والأرض ، وهؤلاء القوم قد أحلّوه ، ولكن انظروا متى يقمصهم الله تعالى ويغيّر ما بهم.
قال : فقيل له : يا ابن عبّاس أتعني ابن الزبير أم الحصين بن نمير السكوني؟ قال : بلى أعنيهما جميعا وأعني الأمير الشامي يزيد بن معاوية الذي بتر الله عمره وقبضه على سوء عمله.
قال : وسار القوم حتى نزلوا الطائف وأخلوا مكّة لعبد الله بن الزبير.
قال : وكان عبد الله بن عبّاس يقوم في أهل الطائف خطيبا فيذكر ابن الزبير