فقال الرجل : يا عبد الله ما جئت أضرب إليك من حمص لحجّة ولا لعمرة ولكن جئت لتشرح لي أمر عليّ بن أبي طالب.
فقال له : ويحك انّ علم العالم صعب لا يحتمل ولا تقربه القلوب ، أخبرك أنّ عليّ بن أبي طالب عليهالسلام كان في هذه الامّة كمثل موسى عليهالسلام والعالم ، وذاك أنّ الله عزّ وجلّ قال في كتابه لموسى عليهالسلام : ( إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) وقال عزّ وجلّ : ( وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ ) فكان موسى عليهالسلام يرى أن قد جمعت له الأشياء ، فلمّا انتهى موسى الى شاطئ البحر لقي العالم فاستنطقه ، فأقرّ له بفضل علمه ولم يحسده كما حسدتم أنتم عليّا عليهالسلام. فقال له موسى ورغب إليه :
( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً ) فعلم العالم أنّ موسى لا يطيق صحبته ولا يصبر على علمه ، فقال له ( إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ) قال له موسى عليهالسلام واعتذر إليه : ( سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً ) فعلم العالم أنّ موسى لا يستطيع ولا يصبر على علمه ، فقال له : ( فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً ) فركبا السفينة فخرقها العالم ، وكان خرقها لله رضى ، وأسخط ذلك موسى ، ووكز الغلام فقتله ، وكان قتله لله رضى ، وأسخط ذلك موسى ، وأقام الجدار ، وكانت إقامته لله رضى ، وأسخط ذلك موسى ، ولم يقتل عليّ عليهالسلام إلاّ من كان قتله لله رضى وعند الناس من الجهّال خطأ.
ثمّ قال له : اجلس حتى اخبرك بالذي سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تزوّج النبيّ عليهالسلام زينب بنت جحش وأولم ، وكان يدعو الناس عشرة عشرة من المؤمنين ، وكانوا إذا أصابوا من الطعام استأنسوا إلى حديث النبيّ عليهالسلام واشتهوا النظر الى وجهه ، وكان النبيّ عليهالسلام يشتهي أن يخفّفوا ليخلو منزله لأنّه كان قريب عهد بعرس ، وكان يحبّ زينب ويكره أذى المسلمين ، فأنزل الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ