إحداهما بيضاء والاخرى سوداء ، وهما يدفعان عنه الأذى ، فلمّا بصرتا بأبي طالب غربتا في الكهف.
ودخل أبو طالب إليه وقال : السلام عليك يا وليّ الله ورحمة الله وبركاته.
فأحيا الله جلّت عظمته بقدرته المثرم. فقام قائما يمسح وجهه ويقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّدا رسول الله وأنّ عليّا وليّ الله والإمام بعد نبيّ الله.
فقال أبو طالب : ابشر فإنّ عليّا قد طلع الى الأرض.
قال له المثرم : فما كان علامة الليلة التي طلع فيها؟
قال أبو طالب : لمّا مضى من الليل الثلث أخذ فاطمة ما يأخذ النساء عند الولادة ، فقلت لها : ما لك يا سيّدة النساء؟ قالت : إنّي أجد وهجا ، فقرأت عليه الاسم الذي فيه النجاة ، فسكنت. فقلت لها : إنّي أنهض فآتيك بنسوة من صواحباتك يعنّك على أمرك في هذه الليلة. فقالت : رأيك يا أبا طالب.
فلمّا قمت لذلك فإذا أنا بهاتف قد هتف بي من زاوية البيت وهو يقول : أمسك أبا طالب فانّ وليّ الله لا تمسّه يد نجسة ، فإذا أنا بأربع نسوة قد دخلن عليها ، عليهنّ ثياب بيض كهيئة الحرير الأبيض ، وإذا رائحتهنّ أطيب من المسك الأذفر ، فقلن لها : السلام عليك يا وليّة الله ، فأجابتهنّ ، ثمّ جلسن بين يديها ومعهن جونة من فضة ، فآنسنها حتى ولد علي. فلمّا ولد انتهيت إليه فإذا هو كالشمس الطالعة قد سجد على الأرض وهو يقول : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدا رسول الله وأشهد أنّي علي وصيّ محمّد رسول الله ، بمحمّد يختم الله النبوّة وبي تتمّ الوصيّة ، وأنا أمير المؤمنين. فتقدّمت إليه امرأة من تلك النسوة فأخذته من الأرض فوضعته في حجرها ، فلمّا نظر عليّ في وجهها ناداها بلسان طلق ذلق : السلام عليك يا امّاه.
فقالت : وعليك السلام يا بنيّ.
فقال لها : ما خبر والدي؟