ذهب المشهور إلى انَّ إطلاق دليل الأمر تام إذ لم يكن مانع ومقيد له سوى الحرمة والمفروض سقوطها ، وبهذا فرقوا بين حالتين في المانعية ، إحداهما ـ المانعية المتحصلة من الحرمة التكليفية ، كما في الوضوء بماء مغصوب الّذي يكون تقيد الأمر بغيره من باب امتناع الاجتماع عقلاً ، ففي مثل ذلك لا تثبت المانعية إِلاّ في فرض ثبوت الحرمة وعدم سقوطها بالاضطرار. والثانية ـ المانعية المستفادة من النهي الإرشادي ابتداءً كما في خطاب ( لا تصلِّ في وبر ما لا يؤكل لحمه ) وفي مثل ذلك لا تسقط المانعية حتى في حالات الاضطرار فانَّ مقتضى القاعدة إطلاق المانعية وبالتالي سقوط أصل الأمر بالمركب ما لم يفرض دليل خاص على الأمر بالباقي ، كما ثبت ذلك في باب الصلاة التي لا تسقط بحال.
إلاّ انَّ المحقق النائيني ( قده ) خالف المشهور في المقام وذهب إلى انَّ المانعية من النوع الأول أيضاً لا ترتفع بالاضطرار وسقوط الحرمة بالتعذر ، فلا يحكم بالصحّة والاجزاء في المقام.
وهذه الدعوى يمكن تقريبها بأحد وجهين :
الوجه الأول ـ ما نقله عنه السيد الأستاذ في أجود التقريرات من انَّ النهي يقتضي حرمة الفعل وعدم وجوبه ـ أي المانعية ـ في عرض واحد ، والاضطرار انما ينفي المعلول الأول دون الثاني وليست المانعية من ناحية الحرمة وبعلتها ، لأنَّ الحرمة والوجوب ضدان وقد ثبت في محله استحالة توقف أحد الضدين على عدم الاخر أو بالعكس ، بل كل من الضدين مع عدم الاخر معلولان لعلّة واحدة هي مقتضي ذلك الضد وملاكه.
ثمَّ اعترض عليه باعتراضين :
أولهما ـ انّ دلالة النهي على الحرمة بالمطابقة ودلالته على عدم الوجوب بالالتزام والدلالة الالتزامية في طول المطابقية لا في عرضها ، وما ذكر في بحث الضد من عرضية كل ضد مع عدم الضد الاخر انّما كان بحسب عالم الثبوت لا الإثبات.
وكأنه بهذا أراد إبطال دعوى المحقق النائيني بعرضية المدلولين بعد أَنْ حمل كلامه على مقام الإثبات والكشف ، مع انَّ ظاهر كلامه في تقريرات فوائد الأصول النّظر إلى عالم الثبوت حيث عبَّر صريحاً بأنَّ الملاك علّة لأمرين في عرض واحد فبدَّل هناك