وبهذا يتضح الوجه
في انسلاخ اسم الجنس بعد تنكيره عن التعين في فرد معين فانه مقتضى الإبهام
والتنكير المستفاد من التنوين فهو من ناحية نفسه لا يكون معيّناً وإِن فرض تعينه
ثبوتاً كما في قوله تعالى ( وجاء رجل من أقصى المدينة ). وبهذا نستنتج انَّ كل
تنوين نراه في اسم جنس متعين من ناحية نفس الكلام استغراقياً أو شخصياً فليس
بتنوين تنكير بل تمكين من قبيل أكرم كل رجل . ومن قبيل أكرم رجلاً زارك بالأمس إذا أُريد به الإشارة
إلى رجل معين معهود.
المقام
الثاني : دخول اللام على اسم الجنس ـ ولا إشكال في انه بذلك يخرج اسم الجنس عن الإبهام
والإهمال إلى التعيين ، وقد فسر المشهور ذلك على أساس انَّ اللام موضوعة للتعيين
ومن هنا يفيد التعريف ، والتعيين محفوظ حتى في موارد الجنس ، فانَّ الجنس أيضاً له
تعين ذهني ، وإِن شئت عبرت عنه بالتعين الجنسي.
وقد استشكل في ذلك
صاحب الكفاية ( قده ) بأنه إِن أُريد دلالة اللام على التعيين الخارجي فمن الواضح
عدم وجود تعين خارجي في موارد لام الجنس ، وإِن أُريد التعين الذهني أي تعين
الطبيعة في الذهن فمن الواضح أنَّه إِن أُخذ هذا التعين في مدلول اللفظ صار ذهنياً
وبذلك يخرج عن الصلاحية للانطباق على الخارجيات إِلاّ بالمجاز والتجريد وبطلانه
واضح.
ومن هنا التزم (
قده ) بأنَّ اللام موضوعة للتزيين كما هو كذلك في موارد دخولها على الاعلام. وانَّ
معاملة اللغة مع المزين به معاملة التعريف لكونه معرفة باللفظ نظير التأنيث اللفظي
الّذي قد أعطي حكم التأنيث الحقيقي فلا غرابة.
وقد حاول بعض
المحققين التخلص عن إشكال صاحب الكفاية ( قده ) مع الالتزام بمقالة المشهور من
دلالة اللام على التعيين فذكروا محاولات نقتصر فيما يلي على ما أفاده المحقق
الأصفهاني ( قده ) بهذا الصدد. فقد أفاد بأنَّ الإشكال المذكور مبني على تخيل
إرادة التعيين الذهني للجنس بينما المقصود التعيين الجنسي فانَّ كل ماهية
__________________