تعملا معاً حينما أموت ، وأن لا تتجادلا فيما بينكما بحيث لا يسمع العالم عدم توافقكما ، ولكن ما مضى شيء من موت الوالد حتّى بدأت الخلافات تظهر بسرعة ، وتزايدت الانشقاقات بأكثر مما كان يتصور (١).
سقط الملك سعود عام ١٣٨١ هـ مريضاً بسبب قرحة في الأمعاء ، وأشار الأطباء الأمريكيون عليه بالذهاب للعلاج إلى أمريكا ، ولما عاد سعود إلى البلاد بعد بضعة أشهر استغرقت علاجه في الخارج ، وبعد أن استحوذ فيصل على كل شيء من أجهزة الدولة ، وكادت أن تقع مصادمات عنيفة بين الأخوين لولا أن تدخلت العائلة ، حيث أثمرت تسوية بين الأخوين على أن يتقاسما الوزارة.
وفي خريف عام ١٣٨٢ هـ قصد سعود أوربا للعلاج ، فأخذ فيصل يعمل بنشاط لإحكام سيطرته على السلطة ، وعيّن أخاه غير الشقيق قائداً للحرس الوطني ، وأخاً آخر حاكماً للرياض ، فلما عاد سعود فوجىء بالتغييرات الأخيرة ، فاضطر إلى الرضوخ لما أملاه عليه أخوه من الظهور بمظهر الملك ، دون صلاحية للتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد.
وانتهى بعد خلافات واسعة إلى خلع سعود بن عبدالعزيز عن الملك ، وحلّ فيصل بن عبدالعزيز ملكاً مطلقاً على المملكة ، وصدرت الفتوى ( الشرعية ) اللازمة من الشيخ محمد إبراهيم مفتي الديار السعودية في ١٦ من شهر جمادى الثانية عام ١٣٨٢ هـ ، واضطر سعود إلى مغادرة البلاد والانتقال إلى مصر ، فحل في القاهرة ضيفاً على عبد الناصر أيام كانت العلاقات بين مصر والجزيرة العربية متوترة ، إلى أن مات فيها عام يراجع المصدر وقد كان ذا ثروة طائلة بذلها لاسترداد عرشه ، ولكنه خسر في هذه المحاولة.
يقول جبران شامية : ما من رجل استطاع أن يبذل هذه الأموال في مثل هذا الوقت القصير ، وبمثل هذه النتائج الضئيلة كسعود (٢).
__________________
١ ـ القحطاني ـ فهد : صراع الأجنحة في العائلة السعودية ، ص ٨٠ ، ط لندن.
٢ ـ جبران شامية : آل سعود ماضيهم ومستقبلهم ، ص ١٧٩ ـ ١٨٠.