الجراد آت إلى بلادنا ونحن نخشى أن يأكل الجراد زراعتنا ، فأجاب الحاكم ساخراً من الجراد : سنخرج على الجراد دجاجاً فتأكله ، وبهذا غضب اللّه سبحانه لسخرية الحاكم بالجراد ، وهو آية من آيات اللّه لا يجوز السخرية منها ، ولهذا أرسل اللّه الجراد على بلدة العيينة فأهلكها عن آخرها (١).
نحن نفترض أنّ أمير العيينة استهزأ بآية من آيات اللّه فكفر ، فيجب ضرب عنقه بسيف الجلادين ، فهل كفر الآخرون ، وهل تزر وازرة وزر أُخرى ، وما هي إلاّ خدعة يمّوه بها الأمر على الصبيان وأشباههم.
فلما قضى محمد بن عبد الوهاب وآل سعود على مناوئيهم في المنطقة ، قويت الإمارة السعودية من طريق الدين باتّباعها محمد بن عبدالوهاب ، وقويت دعوة ابن عبد الوهاب بطريق السيف باتّباع ابن سعود له وانتصاره به ، فكان ابن سعود الأمير الحاكم ، وابن عبد الوهاب الزعيم الديني ، وصارت ذرية كل منهما تتولى مرتبة سلفها.
لقد قوّى انتصار القبيلة السعودية على حاكم « العيينة » عزيمتهم على توسيغ نطاق حكومتهم ، مغبة أمر محمد بن عبد الوهاب بالجهاد وحث اتباعه عليه ، وأول جيش تم تأليفه له من سبع ركائب (٢) ومعلوم أنّ هذه الجيوش والركائب لم تغز بلاد الكفار والمشركين ، ولا الرومان ، وإنما غزوا بلاد المؤمنين ، بلاد القائلين بـ ( لا إله إلاّ اللّه ، محمد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ) ولما أحس ابن عبد الوهاب بسلطة وقدرة ، كتب إلى أهل نجد ( وهم المسلمون بزعمهم ) على الدخول في مذهب التوحيد ، فأطاع بعضهم بينما امتنع آخرون ، فأمر أهل « الدرعية » بالقتال ، فأجابوه وقاتلوا معه أهل نجد والأحساء مراراً ، حتّى دخل بعضهم في طاعته طوعاً أو كرهاً ، وصارت جميع إمارة نجد لآل سعود بالقهر والغلبة » (٣).
__________________
١ ـ ناصر السعيد : تاريخ آل سعود ، ص ٢٢ ـ ٢٣.
٢ ـ محمد جواد مغنية : هذه هي الوهابية ، ص ١١٧ نقلا عن ابن بشر عثمان ، عنوان المجد في تاريخ نجد.
٣ ـ السيد محسن الأمين : كشف الارتياب ص ١٣ ـ ١٤ نقلا عن كتاب تاريخ نجد لمحمود شكري الآلوسي.