يقصد أن يدعو له اللّه تعالى أن يشفّعه به يوم القيامة ، أي يجعله في جملة الحد الّذي يحده له فيشفع فيهم (١).
يلاحظ عليه : أنّ الهدف من الاستدلال بالحديث هو إثبات جواز طلب الشفاعة من المخلوق ، لا التوسل بذوات المخلوقين ، فإنه بحث آخر ، وله حجج أُخرى قدمناها. هذا حول الإشكال الأول.
وأمّا الثاني فهو تأويل لظاهر الحديث دعماً للمذهب الّذي تبناه ، فإنّ المتبادر من قوله : « سألت النبي أن يشفع لي يوم القيامة » أي قلت له يا رسول اللّه اشفع لي يوم القيامة ، وأين هو من التأويل الّذي يذكره الرفاعي من أنه قصد أن يدعو اللّه تعالى أن يشفّعه به يوم القيامة؟ ولو كان المقصود هذا فإنّ أنساً من العرب العرباء ، كان له أن يفصح عن مراده ويقول : يا رسول اللّه ادع اللّه تعالى أن يشفعك فىّ ، يوم القيامة.
وليس هذا التاويل وأمثاله الّذي ارتكبه ذلك الكاتب إلاّ تحريفاً للكلم ليروج متاعه.
ثمّ إنه استشكل على الحديث بضعف السند ، فقال : « إنّ في سنده أبا الخطاب حرب بن ميمون وهو ضعّف ووثّق » وإليك ما ذكره الذهبي في حقه : حرب بن ميمون ، ابو الخطاب الأنصاري ، بصري صدوق يخطىء ، قال أبو زرعة : ليّن ، وقال يحيى بن معين : صالح وثّقه علي بن المديني وغيره.
وأمّا البخاري فذكره في الضعفاء (٢).
وقال ابن حجر : « قال الخطيب في المتفق والمفترق : كان ثقة.
وقال الساجي في حرب بن ميمون : الأصغر ، ضعيف عنده مناكير ، والأكبر ثقة ، والوارد في سند الرواية هو الأكبر ، وقال ابن حبان : في الثقات ، يخطىء.
__________________
١ ـ التوصل إلى حقيقة التوسل : ص ٣٢٠.
٢ ـ ميزان الإعتدال : ج ١ ص ٤٧٠ ، رقم ١٧٧٣.