اللّهمّ شفّع نبيّنا محمداً فينا يوم القيامة ، أو اللّهمّ شفّع فينا عبادك الصالحين ، أو ملائكتك أو نحو ذلك مما يطلب من اللّه لا منهم ، فلا يقال : يا رسول اللّه أو يا ولي اللّه أسألك الشفاعة أو غيرها مما لا يقدر عليه إلاّ اللّه ، فإذا طلبت ذلك في أيام البرزخ كان ذلك من أقسام الشرك (١).
هكذا نرى أنّ الاتهام بالشرك أرخص وأوفر شيء في كتب الوهابية وشيخها ابن تيمية ، ولتحقيق الحال نركّز على أمرين يبتني عليهما جواز طلب الشفاعة عن الأنبياء والصالحين في هذه الدنيا وهما :
١ ـ إنّ طلب الشفاعة هو طلب الدعاء.
٢ ـ إنّ طلب الدعاء من الصالحين أمر مستحب في الاسلام ، وقد جوّزته الوهابية إذا كان المدعو حياً ، وإليك بيانهما :
أ ـ طلب الشفاعة هو طلب الدعاء
إنّ شفاعة النبي وسائر الشفعاء هي الدعاء إلى اللّه وطلب المغفرة منه سبحانه للمذنبين ، واللّه سبحانه أذن لهم في الدعاء في ظروف خاصة ، فيستجاب فيما أذن ، وهم لا يدعون في غير ما أذن اللّه لهم.
نعم ، نحن لا نحيط بكنه الشفاعة في يوم القيامة ، ولعلّ لها في ذلك اليوم مرتبة أُخرى ، ولكن الدعاء إلى اللّه من مراتبها ومن أوضح مصاديقها ، فقول القائل مقابل قبر النبي « يا وجيهاً عند اللّه اشفع لنا عند اللّه » لا يقصد إلاّ هذا المعنى. هذا هو المفسر المعروف النيسابوري يذكر عن مقاتل في تفسير قوله تعالى : ( مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصيبٌ مَنْهَا ، وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا ) (٢) : ... الشفاعة إلى اللّه إنما هي دعوة اللّه لمسلم (٣).
____________
١ ـ الهدية السنية ، الرسالة الثانية : ص ٤٢ والرسالة لأحد أتباعه.
٢ ـ سورة النساء : الآية ٨٥.
٣ ـ تفسير النيسابوري : ج ٥ ص ١١٨ بهامش تفسير الطبري.