السابع بين الوثنيين والمسلمين قالوا : إنّ ملك التتار المعروف بـ « جنكيز خان » قد سيّر جماعة من التجار ومعهم شيء كثير من النقرة والقندر وغيرهما إلى ما وراء النهر ، سمرقند وبخارى ، ليشتروا به ثياباً للكسوة ، فوصلوا إلى مدينة من بلاد الترك تسمّى « أوترار » وهي آخر ولاية « خوارزم شاه » وكان له نائب هناك ، فلما وردت عليه هذه الطائفة من التتر أرسل إلى خوارزم شاه يعلمه بوصولهم ، ويذكر له ما معهم من الأموال ، فبعث إليه خوارزم شاه يأمره بقتلهم وأخذ ما معهم من الأموال ، فقتلهم وسيّر ما معهم ، وكان شيئاً كثيراً ، فلما وصل إلى خوارزم شاه فرّقه على تجار بخارى وسمرقند ، وأخذ ثمنه منهم ، فبلغ الخبر إلى جنكيزخان فأرسل رسولا إلى خوارزم شاه يقول : « تقتلون أصحابي وتجاري وتأخذون مالي منهم ، فاستعدوا للحرب فإنّي واصل إليكم بجمع لا قبل لكم به » (١).
ويظهر من بعض الآثار أنّ يد بعض الأساقفة كانت وراء تحريض ملك التتار على الزحف والحرب ، يقول ابن العبري : « عظم الأمر عند جنكيزخان وتأثر منه إلى الغاية وهجره النوم ، وصار يحدث نفسه ويفكر في ما يفعله ، ففي اليلة الثالثة رأى في منامه راهباً عليه السواد وبيده عكازة وهو قائم ، فذكر رؤياه للأسقف فقال الأسقف : يكون الخان قد رأى بعض قديسينا ، ومن ذلك الوقت صار يميل إلى النصارى ويحسن الظن بهم ويكرمهم ، ومن هذه السنة (٦١٦) قصد جنكيزخان البلاد الإسلامية » (٢).
الداهية العظمى أو خروج التتار إلى بلاد الإسلام
إنّ عظمة الداهية بلغت حداً لا يستطيع القلم واللسان تبيينها وترسيمها ولا يستطيع المسلم أن يسمع ذكراً منها أو يقرأ فصلا من فصولها ، حتّى أنّ ابن الأثير بقي عدة سنين معرضاً عن ذكر الحادثة استعظاماً لها ، كارهاً لذكرها ، فبقي يقدّم رجلا ويؤخّر أُخرى ، ثم علّل إعراضه عن تحرير هذه الواقعة
__________________
١ ـ الكامل ج ١٢ ص ٣٦١ ـ ٣٦٢.
٢ ـ تاريخ مختصر الدول ص ٢٣٠.