هذا البيت الطاهر فنسب إلى عبد الله بن جعفر الطيار كلمة تحط من قدره ودينه ، وان صبها في قالت الفضيلة فذكر أن العجوز التي ذبحت الشاة للحسنين وكان معهما ابن جعفر ولما شاهدها الحسن بالمدينة أمر لها بألف شاة وألف دينار وأعطاها الحسين مثله وقال لها ابن جعفر : لو بدأت بي لأتعبتهما (١) .
فإن كل من يقرأ سيرة ابن جعفر مع إماميه الحسنين وخضوعه لهما يتجلى له افتعال هذا الحديث ومحاورته مع معاوية تؤكده ، وذلك يوم أراد إغراءه بالمدح البالغ حده ليفصله عن متابعة الحسنين (ع) فأوقفه ابن جعفر على ما سمعه من رسول الله (ص) في فضلهما وأنهما إماما هذه الأمة بعد أبيهما الوصي وأن الله تعالى أفاض عليهما القدرة بالتصرف في الأشياء كما يريدان (٢) .
وإني على يقين في افتعال كل ما ورد في حق عبد الله بن جعفر من أحاديث الكرم ، وما أدري من أين له هذه الأموال الطائلة مع أنه مملق وأبوه أفقر منه فلا إقطاع عنده ولا عيون ولا من التجار المثرين ، وإنما أراد ابن هند في وضع هذه القصص إيجاد شخص من الطالبيين يضاهي أبا محمد سيد شباب أهل الجنة الذي وقف النائل عليه وحده ، ومما يشهد لهذه الدعوى سعي معاوية في اثبات الكرم لعبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ذلك الذي ترك قيادة أربعة آلاف جندي وهمس ليلاً إلى معسكر ابن هند طمعاً في دراهم
____________________
(١) لباب الآداب للأمير أسامة بن منقذ ص ١٠٦ ، وثمرات الأوراق على هامش المستطرف ج ٢ ، ص ١٩ ، باب ٤٦ ، والفصول المهمة لابن الصباغ ص ١٦٥ . .
(٢) الاحتجاج للطبرسي ص ١٥٤ النجف .