الأمراء المتغلبين على الخلافة عن صراط العدل وترددهم في الضلال ( أجدر وأولى ) ، لأن نهضة سيد الشهداء إنما هي لإحياء الدين الذي لاقى المتاعب في تشييده جده المنقذ الأكبر ، وقد أخبر النبي (ص) عن هذه النهضة بقوله : ( حسين مني وأنا من حسين ) (١) فإنه لم يقصد بهذا التنزيل التعريف بأن الحسين بضعة منه لما فيه من الركاكة التي يأباها كلام سيد البلغاء ، لأن كل ولد بضعة من أبيه ، وإنما أراد التنبيه بأن نهضة الحسين أثبتت توطيد أسس الإسلام وكسحت أشواك الباطل عن صراط شريعة العدل ، فالنبي (ص) فاتح الدعوة ، والحسين ناهض لتركيزها وتثبيت دعامتها ، فإيداع قوة الكلام في الرأس المقدس أو منحره الأطهر أولى من الحجر والشجرة ، وذراع الشاة المسمومة .
في مثل هذه الكرامات التي تتحدث بها الشيعة عن أئمتهم المجعولين من الله تعالى خلفاء على الأمة بعد انقضاء الرسالة اعتماداً على أحاديث صحت لديهم يتقزز منها غيرهم ويتحامل عليهم باسم البدعة والغلو ولكنه يثبت لعلمائهم أمثالها غافلاً عن ورود نفس الأشكال عليه .
فيقول اليافعي الحنبلي : لما ورد أبو إسحاق الشيرازي بلاد العجم أقبل الناس عليه يتبركون بثيابه ، ويأخذون التراب من تحت
____________________
(١) رواه من علماء الإمامية ابن قولوية المتوفى سنة ٣٦٩ في كامل الزيارات ص ٥٣ ، ومن علماء السنة الترمذي في سننه كما في شرحه لابن العربي ج ١٣ ، ص ١٩٥ مناقب الحسين ، والحاكم في المستدرك ج ٣ ص ٣١٤ ، وابن حجر في مجمع الزوائد ج ٩ ، ص ١٨١ ، والهندي في كنز العمال ج ٧ ، ص ١٠٧ والصفوري في نزهة المجالس ص ٤٧٨ مناقب الحسنين .