الزمن الأول منهما هو محمد بن مكي العاملي المعروف بالشهيد الأول ، والثاني الشيخ علي بن الحسين بن عبد العال المعروف بالمحقق الكركي.
١ ـ مدرسة الشهيد الأول :
لقد ظهر مما سبق ان البيئة التي ينشأ فيها الفرد ويتلقى افكاره وثقافته الأولية لها أثرها الفعال في سائر أطوار حياته ، ولها فعلها القوي في صياغة شخصيته وبلورة افكاره وصقل مواهبه.
ومهما كانت قابلية الإنسان فريدة ، ونبوغه عاليا ، فان البيئة تؤثر فيه وتعطيه بقدر ما تأخذ منه ، فيندمج بها فكريا ويتأثر بها عاطفيا.
ونحن إذا أردنا دراسة الشهيد الأول ، فلا بد من دراسة ـ ولو إجمالية ـ للبيئة التي نشأ فيها الشهيد ، والابعاد التي أثرت في تكوين شخصيته وافكاره.
يقول الشيخ الحر العاملي : أن علماء الشيعة في جبل عامل يبلغون نحو الخمس من علماء الشيعة في جميع الأقطار مع ان بلادهم أقل من عشر عشر بلاد الشيعة.
ففي هذه البيئة الزاخرة بالعطاء العلمي ، والمليئة بالعلم والعلماء ، فتح الشهيد عينيه ليحضر مجالس العلماء وندوات الأدباء ، وليسعى الى المساجد دارسا متعبدا ، ويدرس في تلك المدارس. ثم يأبى عليه ذكاؤه الوقاد الا ان يطلب العلم في أرض الله الواسعة ، ليعود الى بلاده فيكون منهلا صافيا يرتحل اليه العلماء من كل حدب وصوب للارتواء من نمير علوم أهل البيت عليهمالسلام التي وقف لها الشهيد عمره.
وكان والده ( جمال الدين مكي ) يحثه ويشجعه دوما على المضي في دراسته حتى ينال أعلى المراتب العلمية.