وإنّ الله تبارك وتعالى ركّب في صلبه نطفة لا باغية ولا طاغية ، بارّة مباركة ، طيّبة طاهرة ، سمّاها عنده عليّ بن محمد ، فألبسها السكينة والوقار ، وأودعها العلوم وكلّ سرّ مكتوم ، من لقيه وفي صدره شي أنبأه به وحذّره من عدوّه. ويقول في دعائه : يا نور يا برهان ، يا مبين يا منير ، يا ربّ اكفني شرّ الشرور ، وآفات الدهور ، وأسألك النجاة يوم ينفخ في الصور. من دعا بهذا الدعاء كان عليّ بن محمّد شفيعه وقائده إلى الجنّة.
وإنّ الله تعالى ركّب في صلبه نطفة وسمّاها عنده الحسن ، فجعله نورا في بلاده ، وخليفة في أرضه ، وعزّا لامّته ، وهاديا لشيعته ، وشفيعا لهم عند ربّهم ، ونقمة على من خالفه ، وحجّة لمن والاه ، وبرهانا لمن اتّخذه إماما. يقول في دعائه : يا عزيز العزّ في عزّه ، يا عزيزا أعزّني بعزّك ، وأيّدني بنصرك ، وأبعد عنّي همزات الشيطان ، وادفع عنّي بدفعك ، وامنع عنّي بصنعك ، واجعلني من خيار خلقك ، يا واحد يا أحد ، يا فرد يا صمد. من دعا بهذا الدّعاء حشره الله عزّ وجل معه ، ونجاه من النار ولو وجبت عليه.
وإن الله تبارك وتعالى ركّب في صلبه نطفة زكيّة طيّبة ، طاهرة مطهّرة ، يرضى بها كلّ مؤمن (١) ممّن قد أخذ الله ميثاقه في الولاية ، ويكفر بها كلّ جاحد ، فهو إمام تقيّ نقيّ ، سارّ مرضيّ هاد مهديّ ، يحكم بالعدل ويأمر به ، يصدّق الله ويصدّقه الله في قوله ، يخرج من تهامة حتّى يظهر الدلائل والعلامات ، وله بالطالقان كنوز لا ذهب ولا فضّة إلاّ خيول مطهّمة ورجال مسوّمة ، يجمع الله له من أقاصي البلاد على عدد أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، معه صحيفة مختومة فيها عدد أصحابه بأسمائهم وأنسابهم وبلدانهم وصنائعهم وحلاهم وكناهم ، كرّارون مجدّون في طاعته.
__________________
(١) في نسخة « م » زيادة : امتحن الله قلبه للإيمان.