الجبال ، فأتینه سعیاً ، وترکبن على الرؤوس وخفقن وطرن بإذن الله تعالى ، فإن کنت صادقاً فیما توهم فأحی هذین وسلّطهما علی ، فإن ذلک یکون حینئذ آیة معجزة ، فأما المطر المعتاد مجیئه فلست أنت أحق بأن یکون جاء بدعائک من غیرک الذی دعا کما دعوت .
وکان الحاجب أشار إلى أسدین مصوّرین على مسند المأمون الذی
کان مستنداً إلیه ، وکانا متقابلین على المسند
فغضب علی بن موسى وصاح بالصورتین : دونکما الفاجر، فافترساه ولا تبقیا له عیناً ولا أثراً ، فوثبت الصورتان وقد عادتا أسدین فتناولا الحاجب ورضاه وعزّاه وهشماه وأکلاه ولحسا دمه ، والقوم ینظرون متحیّرین مما یبصرون، فلما فرغا منه أقبلا على الرضاء الله وقالا : یا ولی الله فی أرضه ، ماذا تأمرنا أن (۱) نفعل بهذا ، أنفعل بـه مـا فـعلنا بهذا ؟ یشیران إلى المأمون - فغشی على المأمون مما سمع منهما . فقال الرضا الا : قفا ، فوقفا ، ثمّ قال الرضاء الله : صبّوا علیه ماء ورد
وطیّبوه ، ففعل ذلک به ، وعاد الأسدان یقولان : أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذی أفنیناه ؟
قال : لا ، فإنّ الله عزّ وجل فیه تدبیراً هو ممضیه .
فقالا : ماذا تأمرنا ؟
قال : عودا إلى مقرّکما کما کنتما ؛ فعادا إلى المسند وصارا صورتین
کما کانتا .
فقال المأمون : الحمد لله الذی کفانی شرّ حمید بن مهران ـ یعنی
(١) کلمة (أن) لم ترد فی المطبوع .