والناس یلوموننی بقتل أخیک المخلوع وبیعة الرضاء اللا ، ولا أمن السعاة والحسّاد وأهل البغی أن یسعوا بی ، فدعنی أخلفک بخراسان . فقال له المأمون : لا نستغنی عنک ، فأما ما قلت : إنه یسعى بک وتبغى لک الغوائل، فلست أنت عندنا إلّا الثقة المأمون الناصح المشفق ، فاکتب لنفسک ما تثق به من الضمان والأمان، وأکد لنفسک ما تکون به مطمئناً ؛ فذهب وکتب لنفسه کتاباً ، وجمع علیه العلماء ، وأتى به إلى المأمون ، فقرأه وأعطاه المأمون کلّ ما أحبّ ، وکتب خطه فیه ، وکتب له بخطه کتاب الحبوة : إنّی قد حبوتک بکذا وکذا من الأموال والضیاع والسلطان ، وبسط له من الدنیا أمله .
فقال ذو الرئاستین: یا أمیر المؤمنین، نحبّ أن یکون خط
أبی الحسن الهلال فی هذا الأمان یعطینا ما أعطیت ، فإنّه ولیّ عهدک . فقال المأمون : قد علمت أنّ أبا الحسن علیا قد شرط علینا أن لا یعمل من ذلک شیئاً ولا یحدث حدثاً ، فلا نسأله ما یکرهه ، فسله أنت ، فإنّه لا یأبى علیک فی هذا ، فجاء واستأذن على أبی الحسن ، قال یاسر : فقال لنا الرضاء اللیلا : قوموا ،تنخوا» ، فتنحینا، فدخل ، فوقف بین یدیه ساعة فرفع أبو الحسن رأسه إلیه فقال له : «ما حاجتک یا فضل ؟» . قال : یا سیدی ، هذا أمان کتبه لی أمیر المؤمنین ، وأنت أولى أن
تعطینا مثل ما أعطى أمیر المؤمنین ، إذ کنت ولی عهد المسلمین . فقال له الرضاء الله : «اقرأه» وکان کتاباً فی أکبر جلد ، فلم یزل قائماً حتى قرأه ، فلما فرغ قال له أبو الحسن الرضاء الا : «یا فضل ، لک علینا هذا ما اتقیت الله عزّ وجلّ .