دعاء الأمان، له أيضا صلوات اللّه عليه
اَللَّهُمَّ إِنَّكَ اِبْتَدَأْتَنِي بِالنِّعَمِ وَ لَمْ أَسْتَوْجِبْهَا مِنْكَ بِعَمَلٍ وَ لاَ شُكْرٍ، وَ خَلَقْتَنِي وَ لَمْ أَكُ شَيْئاً، سَوَّيْتَ خَلْقِي، وَ صَوَّرْتَنِي فَأَحْسَنْتَ صُورَتِي، وَ غَذَوْتَنِي بِرِزْقِكَ جَنِيناً، وَ غَذَوْتَنِي طِفْلاً، وَ غَذَوْتَنِي بِهِ كَبِيراً، وَ نَقَلْتَنِي مِنْ حَالِ ضَعْفٍ إِلَى حَالِ قُوَّةٍ، وَ مِنْ حَالِ جَهْلٍ إِلَى حَالِ عِلْمٍ، وَ مِنْ حَالِ فَقْرٍ إِلَى حَالِ غِنًى، وَ كُنْتَ فِي ذَلِكَ رَحِيماً رَفِيقاً بِي، تُبَدِّلُنِي صِحَّةً بِسُقْمٍ، وَ جِدَةً بِعُدْمٍ، وَ نُطْقاً بِبُكْمٍ، وَ سَمْعاً بِصَمَمٍ، وَ رَاحَةً بِتَعَبٍ، وَ فَهْماً بِعِيٍّ، وَ عِلْماً بِجَهْلٍ، وَ نُعْمَى بِبُؤْسٍ.
حَتَّى إِذَا أَطْلَقْتَنِي مِنْ عِقَالٍ، وَ هَدَيْتَنِي مِنْ ضَلاَلٍ، فَاهْتَدَيْتُ لِدِينِكَ إِذْ هَدَيْتَنِي، وَ حَفِظْتَنِي وَ كَنَفْتَنِي وَ كَفَيْتَنِي، وَ دَافَعْتَ عَنِّي. وَ قَوِيتُ فَتَظَاهَرْتُ نِعَمَكَ عَلَيَّ، وَ تَمَّ إِحْسَانُكَ إِلَيَّ، وَ كَمَلَ مَعْرُوفُكَ لَدَيَّ، بَلَوْتَ خَبَرِي، فَظَهَرَ لَكَ قِلَّةُ شُكْرِي، وَ اَلْجُرْأَةُ عَلَيْكَ مِنِّي، مَعَ اَلْعِصْيَانِ لَكَ فَحَلُمْتَ عَنِّي، وَ لَمْ تُؤَاخِذْنِي بِجَرِيرَتِي، وَ لَمْ تَهْتِكْ سِتْرِي، وَ لَمْ تُبْدِ لِلْمَخْلُوقِينَ عَوْرَتِي، بَلْ أَخَّرْتَنِي وَ مَهَّلْتَنِي وَ أَنْقَذْتَنِي، فَأَنَا أَتَقَلَّبُ فِي نَعْمَائِكَ، مُقِيمٌ عَلَى مَعَاصِيكَ، أُكَاتِمُ بِهَا مِنَ اَلْعَاصِينَ وَ أَنْتَ مُطَّلِعٌ عَلَيْهَا مِنِّي، كَأَنَّكَ أَهْوَنُ اَلْمُطَّلِعِينَ عَلَى قَبِيحِ عَمَلِي، وَ كَأَنَّهُمْ مُحَاسِبُونَ عَلَيْهَا دُونَكَ.
يَا إِلَهِي فَأَيَّ نِعَمِكَ أَشْكُرُ؟ ! مَا اِبْتَدَأْتَنِي مِنْهَا بِلاَ اِسْتِحْقَاقٍ، أَوْ حِلْمَكَ عَنِّي بِإِدَامَةِ اَلنِّعَمِ، وَ زِيَادَتِكَ إِيَّايَ كَأَنِّي مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ اَلشَّاكِرِينَ، وَ لَسْتُ مِنْهُمْ. إِلَهِي فَلَمْ يَنْقَضِ عَجَبِي مِنْ نَفْسِي، وَ مِنْ أَيِّ أُمُورِي كُلِّهَا لاَ أَعْجَبُ، مِنْ رَغْبَتِي عَنْ طَاعَتِكَ عَمْداً، أَوْ مِنْ تَوَجُّهِي إِلَى مَعْصِيَتِكَ قَصْداً، أَوْ مِنْ عُكُوفِي عَلَى اَلْحَرَامِ بِمَا لَوْ كَانَ حَلاَلاً لَمَا أَقْنَعَنِي، فَسُبْحَانَكَ مَا أَظْهَرَ حُجَّتَكَ عَلَيَّ، وَ أَقْدَمَ صَفْحَكَ عَنِّي، وَ أَكْرَمَ عَفْوَكَ عَمَّنِ اِسْتَعَانَ بِنِعْمَتِكَ عَلَى مَعْصِيَتِكَ، وَ تَعَرَّضَ لَكَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِشِدَّةِ