سَيِّدِي، عَافِيَةَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ عَافِيَتَكَ؟ ! وَ عَفْوَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ عَفْوَكَ؟ ! وَ رَحْمَةَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ رَحْمَتَكَ؟ ! وَ مَغْفِرَةَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ مَغْفِرَتَكَ؟ ! وَ رِزْقَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ رِزْقَكَ؟ ! وَ فَضْلَ مَنْ أَرْجُو إِذَا لَمْ أَرْجُ فَضْلَكَ؟ !
سَيِّدِي، أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنَ اَلنِّعَمِ، وَ أَقْلَلْتُ لَكَ مِنَ اَلشُّكْرِ، فَكَمْ لَكَ عِنْدِي مِنْ نِعْمَةٍ لاَ يُحْصِيهَا غَيْرُكَ! مَا أَحْسَنَ بَلاَءَكَ عِنْدِي، وَ أَحْسَنَ فَعَالَكَ بِي. نَادَيْتُكَ مُطِيعاً مُسْتَصْرِخاً فَأَغَثْتَنِي، وَ سَأَلْتُكَ عَائِلاً فَأَغْنَيْتَنِي، وَ نَأَيْتُ عَنْكَ فَكُنْتَ قَرِيباً مُجِيباً، وَ اِسْتَعَنْتُ بِكَ مُضْطَرّاً فَأَعَنْتَنِي وَ وَسَّعْتَ عَلَيَّ، وَ هَتَفْتُ إِلَيْكَ فِي مَرَضِي فَكَشَفْتَهُ عَنِّي، وَ اِنْتَصَرْتُ بِكَ فِي دَفْعِ اَلْبَلاَءِ فَوَجَدْتُكَ-يَا مَوْلاَيَ-نِعْمَ اَلْمَوْلَى وَ نِعْمَ اَلنَّصِيرُ.
وَ كَيْفَ أَشْكُرُكَ يَا إِلَهِي؟ ! أَطْلَقْتَ لِسَانِي بِذِكْرِكَ رَحْمَةً لِي مِنْكَ، وَ أَضَأْتَ لِي بَصَرِي بِلُطْفِكَ حُجَّةً مِنْكَ عَلَيَّ، وَ سَمِعَتْ أُذُنَايَ بِقُدْرَتِكَ نَظَراً مِنْكَ، وَ دَلَلْتَ عَقْلِي عَلَى تَوْبِيخِ نَفْسِي، إِلَيْكَ أَشْكُو ذُنُوبِي فَإِنَّهُ لاَ مَجْرَى لِبَثِّهَا إِلاَّ إِلَيْكَ، فَفَرِّجْ عَنِّي مَا ضَاقَ بِي، وَ خَلِّصْنِي مِنْ كُلِّ مَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي مِنْ أَمْرِ دِينِي وَ دُنْيَايَ وَ أَهْلِي وَ مَالِي، فَقَدِ اِسْتَصْعَبَ عَلَيَّ شَأْنِي، وَ شَتَّتَ عَلَيَّ أَمْرِي، وَ قَدْ أَشْرَفْتُ عَلَى هَلَكَةِ نَفْسِي إِذَا لَمْ تُدَارِكْنِي مِنْكَ بِرَحْمَةٍ تُنْقِذُنِي بِهَا، فَمَنْ لِي بَعْدَكَ! ؟
يَا مَوْلاَيَ، أَنْتَ اَلْكَرِيمُ اَلْعَوَّادُ بِالْمَغْفِرَةِ، وَ أَنَا اَللَّئِيمُ اَلْعَوَّادُ بِالْمَعَاصِي، فَاحْلُمْ يَا حَلِيمُ عَنْ جَهْلِي، وَ أَقِلْنِي يَا مُقِيلُ عَثْرَتِي، وَ تَقَبَّلْ يَا رَحِيمُ تَوْبَتِي.
سَيِّدِي، وَ لاَ بُدَّ مِنْ لِقَائِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَكَيْفَ يَسْتَغْنِي اَلْعَبْدُ عَنْ رَبِّهِ؟ وَ كَيْفَ يَسْتَغْنِي اَلْمُذْنِبُ عَمَّنْ يَمْلِكُ عُقُوبَتَهُ وَ مَغْفِرَتَهُ؟
سَيِّدِي، لَمْ أَزْدَدْ إِلَيْكَ إِلاَّ فَقْراً، وَ لَمْ تَزْدَدْ عَنِّي إِلاَّ غِنًى، وَ لَمْ تَزْدَدْ ذُنُوبِي إِلاَّ كَثْرَةً، وَ لَمْ يَزْدَدْ عَفْوُكَ إِلاَّ سَعَةً. سَيِّدِي، اِرْحَمْ تَضَرُّعِي إِلَيْكَ، وَ اِنْتِصَابِي بَيْنَ يَدَيْكَ،