أَنَا صِرَاطُ اَللَّهِ اَلَّذِي مَنْ لَمْ يَسْلُكْهُ بِطَاعَةِ اَللَّهِ فِيهِ هَوَى بِهِ إِلَى اَلنَّارِ، وَ أَنَا سَبِيلُهُ اَلَّذِي نَصَبَنِي لِلاِتِّبَاعِ بَعْدَ نَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، أَنَا قَسِيمُ اَلنَّارِ، أَنَا حُجَّتُهُ عَلَى اَلْفُجَّارِ، أَنَا نُورُ اَلْأَنْوَارِ، فَانْتَبِهُوا مِنْ رَقْدَةِ اَلْغَفْلَةِ، وَ بَادِرُوا بِالْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ اَلْأَجَلِ، وَ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ بِالسُّورِ بِبَاطِنِ اَلرَّحْمَةِ وَ ظَاهِرِ اَلْعَذَابِ، فَتُنَادُونَ فَلاَ يُسْمَعُ نِدَاؤُكُمْ، وَ تَضِجُّونَ فَلاَ يُحْفَلُ بِضَجِيجِكُمْ، وَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَغِيثُوا فَلاَ تُغَاثُوا.
سَارِعُوا إِلَى اَلطَّاعَاتِ قَبْلَ فَوْتِ اَلْأَوْقَاتِ، فَكَأَنْ قَدْ جَاءَكُمْ هَادِمُ اَللَّذَّاتِ فَلاَ مَنَاصَ نَجَاءٍ، وَ لاَ مَحِيصَ تَخْلِيصٍ.
عُودُوا-رَحِمَكُمُ اَللَّهُ-بَعْدَ اَلْقَضَاءِ مَجْمَعَكُمْ بِالتَّوْسِعَةِ عَلَى عِيَالِكُمْ، وَ اَلْبِرِّ بِإِخْوَانِكُمْ، وَ اَلشُّكْرِ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى مَا مَنَحَكُمْ، وَ اِجْتَمِعُوا يَجْمَعِ اَللَّهُ شَمْلَكُمْ، وَ تَبَارُّوا يَصِلِ اَللَّهُ أُلْفَتَكُمْ، وَ تَهَانُّوا نِعْمَةَ اَللَّهِ كَمَا هَنَّاكُمْ بِالثَّوَابِ فِيهِ عَلَى أَضْعَافِ اَلْأَعْيَادِ قَبْلَهُ وَ بَعْدَهُ إِلاَّ فِي مِثْلِهِ، وَ اَلْبِرُّ فِيهِ يُثْمِرَ اَلْمَالَ، وَ يَزِيدُ فِي اَلْعُمُرِ، وَ اَلتَّعَاطُفُ فِيهِ يَقْتَضِي رَحْمَةَ اَللَّهِ وَ عَطْفَهُ. وَ هَبُوا لِإِخْوَانِكُمْ وَ عِيَالِكُمْ عَنْ فَضْلِهِ بِالْجُهْدِ مِنْ جُودِكُمْ، وَ بِمَا تَنَالُهُ اَلْقُدْرَةُ مِنِ اِسْتِطَاعَتِكُمْ. وَ أَظْهِرُوا بِالْبُشْرِ فِيمَا بَيْنَكُمْ، وَ اَلسُّرُورِ فِي مُلاَقَاتِكُمْ، وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا مَنَحَكُمْ. وَ عُودُوا بِالْمَزِيدِ مِنَ اَلْخَيْرِ عَلَى أَهْلِ اَلتَّأْمِيلِ لَكُمْ، وَ سَاوُوا بِكُمْ ضُعَفَاءَكُمْ فِي مَأْكَلِكُمْ وَ مَا تَنَالُهُ اَلْقُدْرَةُ مِنِ اِسْتِطَاعَتِكُمْ عَلَى حَسَبِ إِمْكَانِكُمْ، فَالدِّرْهَمُ فِيهِ بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَ اَلْمَزِيدُ مِنَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ.
وَ صَوْمُ هَذَا اَلْيَوْمِ مِمَّا نَدَبَ اَللَّهُ إِلَيْهِ وَ جَعَلَ اَلْجَزَاءَ اَلْعَظِيمَ كَفَالَةً عَنْهُ، حَتَّى لَوْ تَعَبَّدَ لَهُ عَبْدٌ مِنَ اَلْعَبِيدِ فِي اَلشَّبِيبَةِ مِنِ اِبْتِدَاءِ اَلدُّنْيَا إِلَى اِنْقِضَائِهَا، صَائِماً نَهَارَهَا، قَائِماً لَيْلَهَا، إِذَا أَخْلَصَ اَلْمُخْلِصُ فِي صَوْمِهِ، لَقَصُرَتْ إِلَيْهِ أَيَّامُ اَلدُّنْيَا عَنْ كِفَايَةٍ.
وَ مَنْ أَسْعَفَ أَخَاهُ مُبْتَدِئاً، وَ بَرَّهُ رَاغِباً، فَلَهُ كَأَجْرِ مَنْ صَامَ هَذَا اَلْيَوْمَ، وَ قَامَ لَيْلَتَهُ، وَ مَنْ فَطَّرَ مُؤْمِناً فِي لَيْلَتِهِ فَكَأَنَّمَا فَطَّرَ فِئَاماً وَ فِئَاماً-يَعُدُّهَا عَشَرَةً-» .