بحزبين من الأنصار يتناضلون و قد سبق أحدهما الآخر، فقال النبي صلّى اللّه عليه و اله:
«أنا مع الحزب الذي فيه ابن الأدرع»(١) فأقرّهما على ذلك، و لأصالة الجواز، و لانتفاء المانع منه، فإنّه لا مانع من أن يخرج أحد المتسابقين المال دون الآخر، و يشترطا إن سبق مخرج المال أحرز مال نفسه، و لا شيء على المسبوق، و إن سبق الآخر أخذ مال المخرج؛ لأنّه يصير غير المخرج منهما محلّلا، فخرج به عن سلك القمار.
و قال مالك: لا يجوز؛ لأنّه قمار(٢).
و هو غلط؛ لأنّ القمار لا يخلو كلّ واحد منهما أن يغنم أو يغرم، فهو متردّد بينهما، و هنا لا خطر على أحدهما، و ليس أحدهما متردّدا بين أن يغنم أو يغرم، أمّا المخرج فإنّه متردّد بين أن يغرم و بين أن لا يغرم، و أمّا الآخر فمتردّد بين أن يغنم و بين أن لا يغنم، و لا يغرم بحال.
الثالث: أن يخرج السّبق المتسابقان معا بأن يخرج كلّ واحد منهما - مثلا - عشرة، و يأخذ المالين معا السابق منهما.
و هو جائز مطلقا عندنا؛ للأصل.
و قال الشافعي: لا يجوز إلاّ بالمحلّل(٣) ، و معناه أن يكون معهما ثالث٧.
١- كما في الخلاف - للشيخ الطوسي - ١٠٣:٦-١٠٤، المسألة ٦، و البيان ٧: ٣٦٨، و العزيز شرح الوجيز ٢٠٥:١٢.
٢- التهذيب - للبغوي - ٧٨:٨، البيان ٣٦٨:٧، العزيز شرح الوجيز ١٨٢:١٢، المغني ١٣١:١١، الشرح الكبير ١٣٦:١١.
٣- الأم ٢٣٠:٤، مختصر المزني: ٢٨٧، الحاوي الكبير ١٩٢:١٥، المهذّب - للشيرازي - ٤٢٢:١، نهاية المطلب ٢٣٦:١٨، الوسيط ١٧٨:٧، الوجيز ٢: ٢١٨، حلية العلماء ٤٧٠:٥، التهذيب - للبغوي - ٧٩:٨، البيان ٣٦٨:٧ - ٣٦٩، العزيز شرح الوجيز ١٨٢:١٢-١٨٣، روضة الطالبين ٥٣٦:٧.