أهل الحديث كما حكيناه عن كفاية الخطيب: ٥٤٧، و انظر تعاليقنا على المتن، و حكاه ابن الصلاح في حاشية المقدمة: ١٣٠ عمّن سبق ذكره و فقهاء الحجاز و العراق. و يعد أوسع الأقوال، و ما بعده بعده.
القول الثاني: إنه حجة فيما لو أرسله أهل القرون الثلاثة الأولى لا ما إذا أرسله غيرهم، ذهب الى هذا بعض المحققين من الحنفية، و يعبر عن أهل القرون الثلاثة الأولى بأهل القرون الفاضلة، لما رووه عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلم من انه قال: خير الناس قرني ثم الذي يلونهم - و تردد الراوي بين كونه ذكر قرنين أو ثلاثة من القرون - ثم قال في ذيل الرواية: ثم يفشو الكذب، و في أخرى غير ذلك.
القول الثالث: يحتج به مطلقا و ان أرسله من بعد القرون الثلاثة و لم يكن ثقة. قال ابن جرير: أجمع التابعون بأسرهم على قبول المرسل و لم يأت عنهم إنكاره و لا عن أحد من الأئمة بعدهم الى رأس المائتين، كما قاله الخطيب في الكفاية: ٥٤٦-٥٥٥. و يعني بمن أتى بعد التابعين الشافعي - الذي هو أوّل من ردّه على إطلاقه - كما سيأتي، و لعله يرجع الى القول الأول.
القول الرابع: يحتج بمرسل الثقة المتحرّي في روايته لا بمرسل غيره، قال ابن الصلاح في قواعده: ١٣١: و لا خلاف انه لا يجوز العمل به إذا كان مرسله غير متحرز، يرسل عن غير الثقات.
القول الخامس: يحتج بمرسل سعيد بن المسيب فقط من التابعين و بمراسيل الصحابة دون غيرهم، و هذا قول مشهور بنسبته الى الشافعي و تبعه قوم، إلا أنهم اختلفوا في أنه هل هو بمعنى كون مراسيله حجة بخلاف غيرها من المراسيل - و ذلك لكونها فتشت فظهر أنها مسندة - أم أنها حجة عنده مطلقا، و الترجيح للشافعي بالمرسل و لا مانع فيه، كما يظهر من فتح المغيث: ١٤٠/١.
و قيل: خصوص مراسيل ابن المسيب لكونه أصح التابعين إرسالا فيما