ثم قال بعد كلام : فأردد الأمر إليهم وسلم لهم ، ثم قال لي : إن شئت انصرفت عنه ، فلما كان في الغد تلطفت في الوصول إليه ، فسلمت فرد السلام ، فقلت : يا بن رسول الله ، تأذن لي في كلمة اختلجت في صدري ليلة الماضية ؟ فقال لي : سل وأصغ إلى جوابها سمعك ، فإن العالم والمتعلم شريكان في الرشد ، مأموران بالنصيحة ، فأما الذي اختلج في صدرك فإن يشاء العالم أنبأك أن الله لم يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول ، وكلما عند الرسول فهو عند العالم ، وكلما اطلع عليه الرسول فقد أطلع أوصيائه عليه
يا فتح ، عسى الشيطان أراد اللبس عليك ، فأوهمك في بعض ما أودعتك وشكك في بعض ما أنبأتك ، حتى أراد إزالتك عن طريق الله وصراطه المستقيم
وقلت في نفسي : متى أيقنت أنهم هكذا ؟ فقال : معاذ الله ، إنهم مخلوقون مربوبون ، مطيعون الله ، داخرون راغمون ، فإذا جاءك الشيطان بمثل ما جاءك به فاقمعه بمثل ما أنبأتك به .
قال فتح : فقلت له : جعلني الله فداك ، فرجت عني ، وكشفت ما لبس الملعون علي ، فقد كان أوقع في خلدي أنكم أرباب .
قال : فسجد عليه السلام ، فسمعته يقول في سجوده : راغماً لك يا خالقي ، داخراً خاضعاً