إذا كان أكثر أهل بلد مسلماً وبعضه كافراً ، وعلمنا بذلك ولم تعلمهما بأعيانهما ، فحينئذ كل من نراه من أهل البلد نظن أنه مسلم ، بناء على تبعية الظن للأعم الأغلب ، مع أنا نعلم قطعاً أنّ بعضه كافر .
ومن هذا تنشأ شبهة : هي أنّ من المعلوم قطعاً أنّ ظن الإِسلام مضاد ليقين الكفر ، فلا يجوز أن يجتمعا في محل واحد ، لكن في الصورة المفروضة يلزم اجتماعهما .
بيانه : أنّ كل واحد من أهل البلد قد تعلق به ظن الإِسلام بلا شبهة ، ونعلم قطعاً أيضاً أن بعض أهل البلد كافر ، وذلك البعض لا يخرج في الواقع من تلك الأفراد ، فكلّ من تعلق به ذلك اليقين في الواقع قد اجتمع فيه ظن الإِسلام ويقين الكفر ، هذا خلف .
والجواب : بأنّ اليقين : تعلقّ بكفر أحدهم لا على التعيين . والظن : تعلق بإِسلام المعينات ، فاسد ، إذ المتيقن أيضاً معيّن ، إذ لا معنى لكفر الغير المعيّن ، وهو ظاهر .
والصواب في الجواب أن يقال : لا شك أنّ ملاحظة شيء واحد بعنوانات مختلفة قد يصير سبباً لاختلاف الحكم عليه ، فيجوز أن نتصور شيئاً بعنوان ونحكم عليه بالكفر يقيناً مثلاً ، ونتصوره بعنوان آخر ونحكم عليه بالإِسلام ظناً ، ففي الصورة المفروضة إذا تصورنا الفرد الّذي هو كافر في الواقع بعنوان بعض أهل البلد نحكم عليه بالكفر يقيناً ، وإذا تصورنا بعنوان زيد مثلاً أو هذا الشخص المعيّن نحكم عليه بالإِسلام ظناً ، ولا محظور فيه ونظائرها كثيرة ، كما يظهر عند التفتيش .
هذا ثم أنه يمكن أن يستشكل بعد ذلك ويقال : لا شك أن كل واحد من أهل البلد مظنون الإِسلام ، وبعضه متيقن الكفر ، فحينئذ نقول : إنا نحكم بهاتين القضيتين الكلية والجزئية التي في قوة نقيضها ، مع أنّ