به حياةُ الإنسانِ ، فَخَرَجَ الظرفُ من ظرفيّتِه إلى الاسمية فصار (اليوم) اسمَ (إنّ) و (المضمارُ) خبرَها»(١).
وأمّا نصب الاسمين على ما اختاره المعتزلي ، فرأى البحراني أنّ فيه إشكالاً في (إنّ اليوم المضمار) قال : «اليوم زمان ، والمضمار زمان ، فكيف يُخبَر عن المضمار باليوم؟ فيستلزم وقوعَ زمان في زمان آخر ويكون أحدهما محتاجاً إلى زمان آخرَ وذلك محالٌ»(٢). ويُفهَم من كلامِه أنّ الإشكالَ واقع في أنّ كلاًّ من المبتدأ والخبر زمانٌ ، فالمضمار اسمٌ يُطْلَقُ على الوقتِ أي : «الأيّام التي تُضَمَّرُ فيها الخيلُ للسباقِ أَو للركضِ إِلى العَدُوِّ ، وتَضْميرُها أَن تُشَدَّ عليها سُروجُها وتُجَلَّل بالأَجِلَّة ، حتّى تَعْرقَ تحتها فيذهب رَهَلُها ، ويشتدّ لحمُها ، ويُحْمَل عليها غِلمانٌ خِفافٌ يُجْرُونها ، ولا يَعْنُفونَ بها»(٣) ، ويقدّر هذا الوقت بأربعين ليلة(٤). وقد استعار الإمام عليهالسلام المضمار هنا إلى حياة الإنسان لما بينهما من تشابه ، فالإنسان يستعدّ بالتقوى والأعمال الصالحة ليكون من السابقين إلى لقاء الله تعالى ، كما يستعدُّ الفرسُ للسباقِ بالتضميرِ وهو التسمينُ ثمّ القوت(٥). وأمّا اليوم فزمانٌ معلوم ، فلا يصحُّ بعد الإخبار بوقوع الزمانِ في الزمان ، لأنَّه يلزم منه أنّ الزمانَ
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٢ / ٦٢.
(٢) شرح نهج البلاغة ٢ / ٦٣.
(٣) لسان العرب (ضمر).
(٤) ينظر : القاموس المحيط : (ضمر) ؛ تاج العروس (ضمر).
(٥) ينظر : حدائق الحقائق ١ / ٢٤٣ ؛ شرح نهج البلاغة (البحراني) ٢/٦٣.