أصحابنا رضوان الله عليهم والمتأخّرين خال من ذكرها والتعرّض لها». والإشارة إلى هذا الأمر له ميّزاته ، منها أنّه يعطي
للباحث رؤية واضحة في هذا المجال تسهّل عليه تتبّع الآراء والأقوال فيها ، وذلك
بالرجوع إلى زمان تصنيفها وترك المصادر السابقة على ذلك زماناً ومصدراً.
بل في بعض
الأحيان يكون المصنّف هو أوّل من يبدأ تفريعاً على بعض المسائل الفقهية مستنبطاً
لحكمها من الأخبار من دون أن يسبقه إلى ذلك سابق ، وهذه تعتبر ميزة مهمّة في
الكتاب مضافاً لما يمتاز به من أمور كثيرة ، ومثال ذلك ما ذكره تفريعاً على مسألة
حكم إرضاع الأمّ ، حيث قال : «ظاهر بعض الأخبار استحباب الإرضاع من الثديين معاً ،
وهذا الحكم لم يتعرّض له أحد من الأصحاب فيما أعلم».
الأمر
الثالث : إنّه أسند
الحكم الذي استنبطه في المسألة المذكورة ـ وهو حرمة الجمع في النكاح بين فاطميّتين
ـ إلى كبار أعلام الفقه وأئمّة الحديث أمثال الشيخ الصدوق والشيخ الطوسي وإن لم
يكونوا قد صرّحوا بذلك أو نصّوا عليه صراحة في أىّ من مصنّفاتهم الفقهية أو
الحديثية ، وذلك استناداً لما فهمه من طريقة سردهم للرواية المثبِتة للحرمة
بالكيفية التي نقلوها في مجاميعهم الحديثية ، ولِمَا كانوا قد صرّحوا هم به في
كيفية تصنيفهم لتلك المجاميع الحديثية ونقلهم للروايات المودعة فيها ، ممّا يعني
إلمامه الكامل بتلك المجاميع المؤلّفة
__________________