الأوّل : أن لا
يكون ذلك على سبيل الدعاء ، بل على وجه الإخبار منه عزّ وجلّ عن نزول ذلك بهم وفي
الكلام ضمير (قد) قبل قوله : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ)
وموضع (غُلَّتْ)
نصب على الحال
، كأنّه تعالى قال : (وقالت اليهود كذا وكذا) ؛ في حال ما غلّ الله تعالى أيديهم
ولعنهم ، أو حكم بذلك فيهم ؛ ويسوغ إضمار (قد) ها هنا كما ساغ في قوله تعالى : (إن
كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُل فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ * وَإِنْ
كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُر فَكذَبَتْ) والمعنى : (وقد صدقت ، وقد كذبت).
الثاني : أن
يكون المعنى : (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ
مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) وأضمر تعالى (الفاء والواو) لأنّ كلامهم تمّ واستؤنف
بعده كلام آخر ، ومن عادة العرب أن تحذف فيما يجري مجرى هذا الموضع ، من ذلك قوله
تعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُكمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً)
.
أراد : (فقالوا
أتتّتخذنا هزواً) ، فأضمر تعالى (الفاء) ، لتمام كلام موسى
عليهالسلام
، ومنه قول
الشاعر :
لمّا رأيت
نبطاً أنصارا
|
|
شمّرت عن
ركبتي الإزارا
|
كنتُ لها من النّصارى جارا
أراد : (وكنتُ)
فأضمر (الواو).
والثالث : أن
يكون القول خرج مخرج الدعاء ، إلاّ أنّ معناه التعليم من الله تعالى لنا والتأديب
، فكأنّه جلّت عظمته وقفنا على الدعاء عليهم ، وعلّمنا ما ينبغي
__________________