الشريف الرضى
بين القرآن والحديث وكلام الإمام على
لقد كانت البلاغة هى السمة التي غلبت على الشريف الرضى حين نثر وحين شعر. والحق أنه وقف أمام ثلاثة مصادر لتدفق البلاغة العربية ، فعكف عليها ونهل من مواردها ، واستخرج ما فيها من كنوز بلاغية ، فجلاها أمام أهل العربية فى آنق أثوابها ، وأقشب أبرادها ، وأجمل معارضها.
وهذه المصادر الأصلية للبيان العربي هى القرآن الكريم ، والسنة النبوية ، وكلام الإمام على.
وكانت مهمة الشريف الرضى فى القرآن والحديث هى الكشف عما فيهما من وجوه البيان ، وضروب البلاغة ، وجهات الفصاحة ، حتى تحقق للقرآن الكريم الإعجاز ، مع أن ألفاظه لم تخرج عما كان العرب يستعملونه من ألفاظ ، وما يدور فى لغتهم من كلمات. وحتى تحقق للحديث النبوي ذلك المقام البلاغى ، والمنزل البياني الذي لا يدانيه مقام ولا يقاربه منزل ، لأن صاحبه صلىاللهعليهوسلم أوتى الحكمة وجوامع الكلم.
أما مهمة الشريف الرضى فى كلام الإمام على كرم الله وجهه فكانت تأليف كتاب يحتوى على مختار أقواله [ فى جميع فنونه ، ومتشعبات غصونه ، من خطب وكتب ومواعظ وآداب ، علما أن ذلك يتضمن من عجائب البلاغة وغرائب الفصاحة ، وجواهر العربية ، وثواقب الكلم الدينية والدنيوية ما لا يوجد مجتمعا فى كلام ، ولا مجموع الأطراف فى كتاب ، إذ كان أمير المؤمنين عليهالسلام مشرع الفصاحة وموردها ، ومنشأ البلاغة وموردها ،