وهذا ابن عباس رضى الله عنه يسأل عن
معنى آية أو لفظة من القرآن الكريم فيجيب عن علم غزير تحقيقا لقول النبي فيه : «
نعم ترجمان القرآن أنت » . فقد روى أن رجلا جاء ابن عمر يسأله عن معنى قوله تعالى
: ﴿
وَلَمْ
يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا
فَفَتَقْنَاهُمَا ﴾ فقال : اذهب إلى ابن
عباس ، ثم تعالى أخبرنى ! فذهب فسأله فقال : « كانت السموات رتقا لا تمطر ، وكانت
الأرض رتقا لا تنبت ، ففتق هذه بالمطر ، وهذه بالنبات » فرجع الرجل إلى ابن عمر
فأخبره بجواب ابن عباس. فقال : « قد كنت أقول : ما تعجبنى جراءة ابن عباس على
تفسير القرآن. فالآن قد علمت أنه أوتى علما »
.
فتأويل مجازات القرآن وتوضيح أساليبه
والكشف عن أسرار البلاغة فيه ، وتحليل استعاراته هو عمل بدأه الشريف الرضى متناولا
القرآن كله وفق ترتيب السور فى المصحف الذي بين أيدينا ، ومتناولا كل آية فيها
مجاز وفق ترتيبها من السورة التي هى فيها. ومن هنا حق لنا أن نقول : إن الشريف
الرضى فعل فى مجازات القرآن ما فعله الطبري المتوفى سنة ٣١٠ فى تفسير القرآن ، من
حيث وضع التفسير لكل آية من كتاب الله أو جزء من آية مرتبة حسب ترتيب المصحف
على أننا ننتهز هنا هذه الفرصة لنقول إن
« مجازات القرآن » لأبى عبيدة معمر بن المثنى المتوفى سنة ٢٠٩ قد أصبح ـ بعد طبعه
الآن ـ أقدم التفاسير المطبوعة لكتاب الله ، وأنه أسبق من تفسير الطبري بعشرات من
السنين.
* * *
ولسنا نعد « تلخيص البيان » للشريف
الرضى تفسيرا للقرآن بالمعنى الكامل الصحيح لكلمة التفسير ، لأنه لم يتناول القرآن
الكريم كلمة كلمة كما فعل الطبري
__________________