ومن السورة التي يذكر فيها « المجادلة »
قوله سبحانه : ﴿ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ ، وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ﴾ [٧] وظاهر هذا الكلام محمول على المجاز والاتساع ، لأن المراد به إحاطته تعالى بعلم نجوى المتناجين ، ومعاريض المتخافتين ، فكأنه سبحانه يعلم جميع ذلك ، سامع للحوار ، وشاهد للسّرار.
ولو حمل هذا الكلام على ظاهره لتناقض. أ لا ترى أنه تعالى لو كان رابعا لثلاثة فى مكان على معنى قول المخالفين ، استحال أن يكون سادسا لخمسة فى غير ذلك المكان إلا بعد أن يفارق المكان الأول ، ويصير إلى المكان الثاني ، فينتقل كما تنتقل الأجسام ، ويجوز عليه الزوال والمقام. وهذا واضح بحمد الله وتوفيقه.
وقوله سبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾ [١٢] وهذه استعارة. وقد مضت لها نظائر كثيرة.
والمراد بقوله تعالى : ﴿ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ ﴾ أي أمام نجواكم ، وذلك كقوله سبحانه : ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴾ (١) أي مطرقة أمام الغيث الوارد ، ومبشّرة بالخير الوافد.
وقوله سبحانه : ﴿ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [١٦] وهذه استعارة. والكلام وارد فى شأن المنافقين.
والمراد أنهم جعلوا إظهار الإيمان الذين (٢) يبطنون ضدّه جنّة يعتصمون بها ويستلئمون (٣)
__________________
(١) سورة الأعراف. الآية رقم ٥٦.
(٢) هكذا بالأصل. والصواب : الذي
(٣) بالأصل : يستلمون ، وهو تحريف ويستلئم : أي يلبس الدرع